هبوط احتياطي العملات الأجنبية

كان احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي يتصاعد شـهراً بعد آخر حتى بلـغ الذروة في شـهر كانون الثاني من هذه السنة عند مسـتوى يتجاوز 2ر12 مليار دولار ثم بـدأ بالهبوط شهراً بعد آخر ابتـداءً من شباط الماضي ليبلغ 7ر10 مليار دولار في نهاية حزيران أي بانخفاض 1543 مليون دولار عما كان في نهاية العام الماضي ، منها 291 مليون دولار في شهر حزيران وحده.
من الواضح أن الانخفاض في مسـتوى احتياطي العملات الأجنبيـة لدى البنك المركـزي بدأ واسـتمر مع قيام المظاهرات والمسيرات الشـعبية التي يبدو أنها أثارت قلق البعض تطبيقاً لقاعـدة أن رأس المال جبان ويشـم رائحة الخطر على بعد أميال.
والواقع أن ارتفاع الاحتياطي إلى هـذا المستوى المرتفع لم يكن أمراً طبيعياً ناشـئاً عن ارتفاع حصيلة الصادرات من السلع والخدمات أو حوالات المغتربين أو المنح الخارجية ، بل كان جزئياً على الأقل نتيجـة أعمال مضاربة ، حيث تحول بعض المودعين بالدولار إلى الدينار تحت جاذبية فرق الفائدة ، وبذلك استقرت تلك الدولارات لدى البنك المركزي الذي تحمل خسـارة الاحتفاظ بالدولار الذي لا يكسب فوائد تذكـر.
اختلف الوضع الآن ، وسارت العمليات بالاتجاه المعاكس ، وكان هذا معروفاً ومتوقعاً سـلفاً ، فالأموال الساخنة التي حطت في البنك المركزي لأسباب مؤقتة ، عادت من حيث أتت.
ليس هناك مبرر للقلق ، وأية تحذيرات من انخفاض الاحتياطي لا يقصد بها سوى صرف النظر عن العيب الحقيقي وهو اتساع العجز في الموازنة العامة وارتفاع المديونية.
في شهر تمـوز يرتفع الاحتياطي بمقدار مليار دولار بسبب المنحة السعودية مما يعيـده إلى مستوى قريب مما كان عليه قبل سـتة أشهر ، كما أن جانباً من الدولارات في حدود نصف مليار أضيفت إلى موجودات البنـوك التجارية وبقيـت جزءاً من احتياطي المملكة ، بل إن الصورة كانت تتحسـن كثيراً لو أن البنك المركزي باع الذهب أو أعاد تقييمه حسب سعره المرتفع الحالي.
حتى بعد الانخفاض ، وقبل أخـذ المنحة السـعودية بالحساب ، فإن الاحتياطي ما زال أكبر مما كان عليه في نفس الوقت من العام الماضي وهو يعادل مسـتوردات المملكة لمدة 5ر7 شهراً مع أن معيار الأمان المتعارف عليه هو ثلاثة أشهر فقط ، فما زلنا في الجانب الأمين.(الراي)