إعفاءات لزوم ما لا يلزم

عندما يرتفع عجز الموازنة العامة قبل المنح خلال النصف الأول من هذه السنة بنسبة 77% عما كان عليه في نفس الفترة من السنة الماضية ، فإن من الطبيعي أن تقلق الحكومة وتفكر في وسائل زيادة الإيرادات.
لكن الحكومة فكرت في وسائل إنقاص الإيرادات ، ليتمتع البلد بالمزيد من عجز الموازنة وارتفاع سقف المديونية ، ويأتي في المقدمة إعفاء المعاملات العقارية لدرجة كلفت الخزينة 125 مليون دينار خلال الفترة ، مما يعني أن الكلفة ستتضاعف خلال السنة بأكملها لتصل إلى 250 مليون دينار.
تقول الأرقام الرسمية أن التداول العقاري خلال هذه الفترة زاد بنسبة 40% عما كان عليه في العام الماضي. وإذا كان الأمر كذلك فما لزوم التشجيع الإضافي للتداول ، وما هي المزايا التي يحققها الاقتصاد الوطني لتبرير هذه الكلفة العالية.
كنا نفهم لو أن المستفيد من الإعفاء هو الشقق الصغيرة اللازمة لسكن محدودي الدخل ، ولكن المستفيد الأكبر هو قطع الأراضي التي تنتقل ملكيتها من سين إلى صاد دون أن يحقق ذلك أية مصلحة وطنية ، فلا يهم أحد أن تكون قطعة ارض مملوكة لهذا المواطن أو ذاك.
لا يكفي الإعفاء من ضريبة الدخل لمن يتاجر بالأراضي ويبيعها بعشرة أمثال كلفتها فيربح ألف بالمائة ، فتأتي الحكومة لتخفيض رسم نقل الملكية.
هل كانت الشقق والأراضي غير قابلة للبيع إلا إذا تم تخفيض الرسم من 9% إلى 4% ، مع أن أرباح البائع المعفاة من ضريبة الدخل أضعاف هذه النسبة.
ليس للدولة مصلحة في سرعة التداول بالأرض وكأنها سلعة استهلاكية. على العكس من ذلك فإن كثافة بيوعات الأراضي تثير القلق وليست مدعاة للفخر وكأنها إنجاز حققته الحكومة بتخفيض الرسوم.
بلغت قيمة العقارات التي بيعت خلال الشهور السبعة الأولى من هذه السنة واستفادت من الإعفاء 8ر3 مليار دينار أي أن المشترين سوف يدفعون للبائعين خلال السنة بأكملها 5ر6 مليار دينار فتأتي الحكومة وتتطوع لهؤلاء بربع مليار دولار كنقوط!.
عجز الموازنة وارتفاع المديونية ليس ضرورة لا نستطيع تجنبها ، بل خيار نأخذ به لنظل تحت رحمة المانحين والدائنين.(الراي)