عودة مباركة

تم نشره الثلاثاء 03rd شباط / فبراير 2009 02:00 مساءً
صالح القلاب

هناك ترحيب عربي، رسمي وشعبي، بأن يتحول إتجاه تركيا التي هي واحدة من الدول الأهم في هذه المنطقة من التغريب والخارج البعيد الى محيطها الإقليمي فهي دولة شرق أوسطية أولاً وأخيراً وهي ما كان يجب ان تغيب كل هذا الغياب الطويل عن مجالٍ حيوي كان حتى نهاية العُشْرين الأولين من القرن الماضي جزءاً من أراضي الدولة العثمانية التي ألغاها مصطفى كمال (أتاتورك ) وإنتـزع من يدها الخلافة الإسلامية التي إحتفظت بها لنحو أربعة قرون.

لقد بقي همُّ تركيا لسنوات طويلة هو ان يعترف بها الغرب دولة أوروبية لكنها لم تحصل على هذا الإعتراف ولم تُقبل عضواً في الإتحاد الأوروبي بسبب \'\'إسلاميتها\'\' ولأسباب أخرى كثيرة وهذا كان المفترض ان يقنعها بأن هذا التوجه ليس توجهها الفعلي الحقيقي وأن مجالها الحيوي هو هذه المنطقة وأن بيئتها الحضارية والتاريخية والاقتصادية هي هذه البيئة الشرق أوسطية.

ربما ان الأشقاء الأتراك لا يعرفون كم ان العرب التقطوا أنفاسهم وشعروا ان عزيزاً غائباً قد عاد إليهم عندما شاهدوا انتفاضة طيب رجب أردوغان في وجه الرئيس الإسرائيلي ومغادرته منصة \'\'دافوس\'\' وتركه الرئيس الإسرائيلي مرتبكاً ممتقع اللون بسبب مفاجأة لم يكن يتوقعها لقناعته الراسخة بأن ما بين تركيا والأمة العربية من تباعد سيبقيها تتمتع بروح رياضية عالية إزاء التجاوزات والعنجهية الإسرائيلية.

كان ديفيد بنغوريون، الذي هو أهم الآباء المؤسسين للدولة الإسرائيلية، على قناعـة راسخة باستحالة السلام بين العرب وإسرائيل ولذلك فإنه \'\' إخترع \'\' إستراتيجية ما يسمى بـ \'\'الإطار\'\' لتطويق الأمة العربية من كل جانب ولإشغالها بصراعات أخرى غير صراعها مع دولته وهكذا فإنه إتجه لنسج تحالفات أمنية وعسكرية وسياسية وإقتصادية مع تركيا ومع إيران في عهد الشاه السابق ومع الحبشة في عهد إمبراطورها السابق هيلا سولاسي الذي كان مصاباً بلوثة أنه من أحفاد الملك (النبي) سليمان والملكة اليمنية بلقيس.

وحقيقة ان إستراتيجية \'\' الإطار \'\' هذه قد حققت لإسرائيل ما أراده بنغوريون لفترة طويلة فالشاه السابق، قبل ان يوقع بوساطة جزائرية تلك الإتفاقية التي وقعها مع العراق في العام 1975والتي دفع عرشه ونظامه ثمناً لتوقيعها، كان الحليف المخلص للإسرائيليين وكذلك كان الأمر بالنسبة لكل من تلاحقوا على الجارة الشمالية العزيزة قبل بزوغ هذه الظاهرة الإسلامية الحضارية التي يقودها عبدالله غول وطيب رجب أردوغان.

وهنا فإن الإعتقاد الذي يصل حــدود اليقين هو ان شمعون بيريز قد شعر بينما كان أردوغان يغادر منصة الخطابة في \'\'دافوس\'\' وتركَهُ يغرق في حيرته وارتباكه ان إستراتيجية \'\'الإطار\'\' التي إخترعها ديفيد بنغوريون قد وصلت الى خط النهاية وأنها انهارت وأنه على إسرائيل ان تراجع حساباتها وأن تدرك ان سياسة الهروب من دفع الاستحقاقات التي تتطلبها عملية السلام لم تعد مجدية وأنه لابد من التسليم للفلسطينيين بحقوق الحد الأدنى والانسحاب من الأراضي التي أحتلت العام 1967 وبالدولة المستقلة المنشودة.

إن هذه مسألة.. وهي مسألة في غاية الأهمية أما المسألة الثانية فإنه لابد من طمأنة الرئيس التركي عبدالله غول الذي من المقرر ان يبدأ اليوم زيارة هامة جداً الى المملكة العربية السعودية ان العرب يوافقونه الرأي على ان أخطر ما تواجهه هذه المنطقة في هذه المرحلة هو سياسة المحاور وأنهم لا يريدون توظيف علاقاتهم المستجدة الواعدة بتركيا من أجل مواجهة إيران على غرار ما كان عليه الوضع خلال الصراع العثماني ؟ الصفوي الذي إتخذ طابع الحروب المدمَّرة والمكلفة الطويلة بل يريدون ان تأخذ بلاده مكانتها الحقيقية في العائلة الشرق أوسطية فقط

الرأي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات