اسقني كأساً من حليب الحمير

لو كان الحمار يستخدم قوائمه الأمامية في مواجهة خصومه أو في الدفاع عن نفسه لتوقفنا عن إطلاق وصف "الرفس" أو "المعاقطة" على ما يقوم به هذا الحيوان المظلوم, حينذاك سنكون أمام عمليات اشتباك بالأيدي شبيهة بما نقوم به نحن البشر ونستحق عليه ألقاب الشجاعة والبطولة والضربات الذكية والمسددة جيداً, وخلاف ذلك.
لكن حتى في الوضع الحالي, فنحن نتحدث عن "رفس" و"عقط" عند الحمار لأننا نعتقد أنه يستخدم أرجله في ذلك, غير أن تسمية أرجل وأيدي ذاتها, غير معترف بها علمياً حيث يستخدم المختصون كلمة قوائم (أمامية وخلفية), كما أنها غير معترف بها "حميرياً" وهذا هو الأهم, لأن جميع هذه التسميات صاغها البشر, ولا يجوز لنا أن نطالب الحمير بإتباع المعايير البشرية في التفريق بين الضرب بالأيدي والأرجل. ولكن حتى لو كان لدى الحمير تفريق بين الضرب بالقوائم الأمامية والخلفية, فمن يضمن لنا أن الحمار يحمل نفس النظرة البشرية للعلاقة بينهما? فربما كان الحمار يعطي الأولوية للضرب بالقوائم الخلفية, وبالتالي ينظر إلينا نحن البشر مستغرباً ناهقاً كيف "نرفس" و"نعقط" بأيدينا.
هذه التساؤلات أضعها كمقدمة للحديث عن اكتشاف علمي أعلن عنه مؤخراً بخصوص الفوائد الاستثنائية لحليب الحمير في مجالات الرشاقة والطاقة وصحة القلب وخلوه من أية دهون تسهم في تراكم الشحوم.
لاحظوا بالفعل أنه لا يوجد حمار مترهل, وعموماً يمكن القول أنه لا يوجد حمار "اِحْمار" (بالمعنى البشري للكلمة), ومن المؤسف أننا في التاريخ الحديث لعلاقتنا بالحمير لم نفعل سوى "رفس النعمة".(العرب اليوم)