الربيع الإسرائيلي !

كان المراقبون يتوقعون وصول عـدوى الربيع العربي إلى الفلسطينيين بشكل انتفاضة جديـدة ، ولكن هذا لم يحدث ، لأن الفلسطينيين في حالـة ربيع دائم في مواجهة الاحتلال ، لكن العدوى انتقلت إلى الجانب الإسرائيلي.
في طول إسرائيل وعرضها مظاهرات واعتصامات في مواجهة الحكومة (نظام نتنياهـو حسب الاصطلاحات العربيـة) ، وهناك خيام منصوبة أمام الكنيست ومكتب رئيس الحكومة. فماذا يريد هؤلاء.
لا يبدو على السطح أن هناك دوافع سياسـية هامة وراء الحراك الإسرائيلي ، فالموضوع اقتصادي بحت ، وهناك احتجاج على التضخـم وارتفاع الأسعار ، وانخفاض الدخول ، مع التركيز على غلاء المسـاكن والإيجارات ، وبالتالي فالحكومة تحت الضغط للقيام بمشاريع إسـكانية وتوفير الشقق لمحدودي الدخل بأسعار مخفضـة.
لكن الحدث لا يخلـو من تداعيات سياسية ، مباشرة أو غير مباشرة ، وإن لم تكن مقصودة ، فقد انخفضت شـعبية نتنياهو بموجـب استطلاعات الرأي إلى الحضيض.
نظام نتنياهو حاول استغلال الاحتجاجات لتبرير التوسع في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلـة ، مع أن المطلوب هو المساكن في الداخـل ، وإذا كانت أسـعار الأراضي مرتفعة فإن هناك صحراء النقب الخاليـة.
الحكومة الإسرائيلية لم تأخـذ الاحتجاجات مأخذ الجد ، وتعتبرها موجة عابرة ، وتلاحظ أن معظم المعتصمين من الطبقة البرجوازية ، في حين أن شمعون بيريس يرى العكس تماماً ، ويطالب بالإصغاء للمضربيـن.
حتـى الآن ما زالت الاحتجاجات سـلمية ، لم تمارس العنـف فيما عدا بعض الاحتكاكات مع رجال الشرطة ، ولكن المستقبل مفتوح على جميع الاحتمالات.
ما يحدث في إسرائيل هـو التفاوت الصارخ في الثروة ، فهناك أصحاب ملايين إلى جانب الفقراء ، وهناك مطالب طبقية مثل تخفيض ضريبة المبيعات التي تصيب الجميع وزيادة ضريبة الدخل على الأغنياء.
مؤشـرات الاقتصاد الإسرائيلي الكلي تعطي قراءات إيجابية ، فالنمو مرتفع ، والتضخم معتـدل ، والبطالة متدنيـة ، والعملة قويـة ، وعجز الموازنة محدود ، لكن المؤشرات الاقتصادية شيء والمؤشرات السياسية والاجتماعية شـيء آخر ، وهناك على ما يبـدو حالات تمييز ، بعضها عنصري وبعضها الآخـر ديني ، مما يخلق حالة من عـدم الرضى والاستقرار في مجتمع مصطنع.
مجلة الإكونومست تلاحظ بأن الربيع الإسرائيلي أخـذ بفرز قيادات شابة جديدة غير معروفة من قبل كما حـدث في الربيع العربي. (الراي)