مش عيب..!

«مش عيب» ليست تعليقاً على موقف وانما هي جمعية في طور النمو وقد ولدت من فكرة جرى اطلاقها تحت هذا الاسم وانتقلت من عمان بعد أن قدمت نماذجها الناجحة لتصل الى الطفيلة..
قلت لصاحب الفكرة الصيدلاني أمجد العريان الذي يدير شبكة صيدليات فارمسي ون الناجحة..لماذا هذه الفكرة؟ وكيف زرعتموها؟ وهل ساعدكم الاعلام؟ وكيف وصلت الى الطفيلة؟ وما حجم الاستجابة لها؟..
كان يجيب وكانت الاجابات قد ولدت تداعيات مختلفة في ذهني وهو يتحدث فقد رأيت كيف تصادمت فكرته مع ثقافة العيب التي عمل على مواجهتها الدكتور عبد السلام المجالي بالممارسة حين دعى الفتيات الأردنيات في الستينات الى الانخراط في سلك التمريض حين كان وزيراً للصحة ومديراً للخدمات الطبية الملكية..
وكيف بدأ بابنته التي تخرجت من التمريض لتصبح عميدة كلية في التخصص..
كان أمجد العريان ومجموعة كبيرة من شخصيات ومدراء شركات وبنوك ومؤسسات واساتذة جامعيين قد توجهوا للعمل في مطاعم (أبو جبارة) ومحلات بيع الوقود (كازيات المناصير) ومحلات بناشر وبيع في السوبر ماركت وحتى مكان عمال التنظيفات في أمانة عمان ليكسروا ويداهموا ثقافة العيب ويحاصروها ويحولوها من حالة ممارسة الخجل الى الاعتزاز بالعمل كقيمة يتعلمها الآخرون من خلال نموذج القدوة حين يرى الشباب الطالع أن لا عيب في العمل مهما كانت مواقعه ونوعيته ان كان شريفاً..
التجربة تنجح الان وقد رأيتها على شاشة التلفزيون الأردني في برنامج يسعد صباحك وأتمنى أن تجد اسناداً من الاعلام والجامعات والمناهج المدرسية وفي خطب المساجد وعلى يافطات الاعلانات العامة وأن تتبناها دوائر ومؤسسات كبرى كأمانة عمان وغيرها..
«مش عيب» هي شهادة يجب أن يمارسها بالعمل ومن خلال العمل أبناؤها على مختلف مواقعهم وتخصصاتهم وأن يمروا بهذه الحلقات ليدركوا أن العمل واجب وأنه خدمة للوطن والمواطنة وأن فرصة مهما كانت ضيقة يمكن أن تتوسع حين يجري اقتلاع ثقافة العيب ومواجهتها بزرع مساحاتها بالعمل المثمر تحت شعار «مش عيب»..
يجب ان ترى أجيالنا الطالعة شخصيات ناجحة ومميزة تشتغل في مواقع عديدة من العمل اليدوي والصعب والبسيط وذي المردود المتواضع ليقلدوا ذلك ويصعدوا من خلاله الى النجاح فكثير من الناجحين هم عصاميون مروا بمراحل صعبة في حياتهم..
ثقافة العيب ما زالت تعشعش في عقول بعضنا نتاج ثقافة-و موروث وهي تخسر الآن بفضل وعي الشباب وحاجتهم الماسة للعمل..وهم يرغبون في ذلك فليس من المنطق أن تبقى العمالة الوافدة تغطي مساحة أكثر من 25% من فرص العمل ومواقعه الخدمية والبسيطة في حين لا يجد شبابنا عملاً وان وجدوا لا يشجعوا عليه ولا يدعموا للاستمرار فيه وفي هذا مطلب حكومي يجب أن يبدأ بدعم الأجور للجامعيين الذين يعملون في مواقع ذات أجور متواضعة حتى يكون ذلك مقدمة لمحاصرة البطالة..
«مش عيب» وصلت الطفيلة وهي تنجح هناك أيضاً وسنجد على اثرها أن حالة عرفناها عام 1994 حين اضرب العمال المصريون في الافران عن ممارسة العمل نتيجة شجار مع احدهم فلم تجد الطفيلة خبزاً مما اضطر لنقله من عمان..سنجد أن هذه القصة لن تتكرر وأن أبناء المحافظة هم من يقومون بهذا العمل الآن ومستقبلاً..
«مش عيب» فكرة رائدة يستحق مطلقوها ومجسدوها بالممارسة كل أسبوع التقدير واشهار عملهم.. (الراي)