مفتاح الحل: استعادة الثقة

المدة الفاصلة بين اليوم وموعد تطبيق استحقاقات خطة الإصلاح المرسومة غير قصيرة. المرحلة المقبلة انتقالية لكنها في الوقت نفسه استثنائية، وتركها بدون خطة ذكية تكفل إحكام السيطرة على الأمور، لربما يتسبب بدخول البلد في دوامة كبيرة.
عنوان وهدف الخطة التي يتوجب على الدولة تنفيذها يتمحور حول استعادة الثقة بالأداء الرسمي خصوصا أن حالة عدم اليقين والإحباط تقلل من شأن أية خطوة إصلاحية تسعى لامتصاص الشارع وتستجيب لمطالب الحراك الإصلاحي.
أولى الخطوات المهمة لعبور فترة ما قبل الاستحقاق تتمثل بتسليم مفاتيح الأمور وسلامة أمن المجتمع لشخصيات ثقات ذات وعي عال، مدركة تماما للحساسات المجتمعية وتحديدا ما يتعلق بالهوية الأردنية التي ما يزال البعض يراهن عليها من أجل إفساد وإجهاض الحراك الإصلاحي.
واللعب على قضية الأصول والمنابت خطيرة ومن يستخدمها يدرك ذلك تماما، ورغم ذلك يستمر بتحريكها لدرجة تهدد بتفتيت البلد وتدمير كل شيء في حال تمكنت بعض الجهات من تأجيجها وتوسيع مداها، لتحقيق هدف سيئ النية يتمثل بقتل الحراك الإصلاحي وتخويف المجتمع منه.
وفي الآونة الأخيرة بدأنا نشهد جدلا واسعا حول هذه المسألة واستخدمت بعض الجهات أدواتها المسمومة للتحريض ضد الآخر والإيحاء بأن الإصلاح يصب في مصلحة طرف دون الآخر من أجل التأليب ضد الإصلاح الذي سيجلب الخير للجميع ومن مختلف الأصول والمنابت.
وحتى لو استمرت الحكومة بمحاربة الفساد، وتمت الاستجابة لمطالب المحتجين، فان أية خطوة لن تأتي بالنتائج المرجوة منها، إلا إذا نفذتها وتابعتها شخصيات من العيار الثقيل يؤمن بها المجتمع.
عبور المرحلة بسلام بحاجة لفتح قنوات بين قيادات الحراك الشبابي والدولة لسماع مطالبهم بعيدا عن تقارير رسمية تجافي الحقيقة في توصيف ما يجري وتقلل من شأنه؛ إذ تسهم هذه الخطوة باستعادة الثقة بين المجتمع والدولة، خصوصا أن المجتمعات المحلية فقدت الثقة بكل ما هو رسمي بعد أن اكتشفت أن سنوات من النمو الاقتصادي والحديث المتكرر عن الاستثمار لم تنعكس على مستوى معيشتها.
إعادة بناء جسور الثقة لا يمكن أن تتحقق في ظل الأدوات التي تحكم آليات العمل اليوم، والتي ترأسها شخصيات لا يثق بها المجتمع وبات مقتنعا أن أسماء بعينها لم تعد مؤهلة للعبور بالبلد إلى بر الأمان.
الحكمة تقتضي اعتماد مبدأ الشفافية والإفصاح والدقة والصدق للمرور بالأشهر الثمانية المقبلة بسلاسة وبدون تصعيد لحين بلوغ شهر أيار(مايو) المقبل وإجراء الانتخابات البرلمانية بنزاهة وشفافية، باعتبارها تتويجا لخطة الإصلاح بعد إجراء الانتخابات البلدية مطلع العام المقبل على أبعد تقدير.
إن تغيير الواجهات الرسمية هي الطريق الوعر للوصول إلى مفتاح الحل؛ إذ من غير المجدي ان تستمر الدول ببث رسائل تطمين حيال جدية نواياها في الإصلاح في حين أن من يترجم هذه الرسائل جهات غير موثوق بها ولا يؤمن المجتمع بها ويشكك بكل ما يأتي عن طريقها.(الغد)