من خريف العقيد الى خريف ليبيا

في عملين روائيين للكاتب ماركيز, يتناول الطاغية في الاول (خريف البطريرك) ويقصد الجنرال الحاكم, ويتناول في الثاني (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه) قصة عسكري اخر شارك في ثورة قديمة واقصاه البطاركة (الجنرالات) وكما خرج الاثنان من الحياة السياسية في غالبية امريكا الجنوبية, حيث يعيش ماركيز, فقد خرجا من ليبيا متأخرين عقدين كاملين, البطرك القذافي من باب العزيزية, والكولونيل جلود من باب اللجان الثورية.
ولم يعد هناك من معنى لاي حديث عن خريف القذافي حيث دخلنا في خريف ليبيا. فطرابلس لم تحرر بل سقطت تحت قصف الناتو, وكان يمكن ان نشارك الشعب الليبي فرحته لو ان اهالي طرابلس هم الذين اقتحموا اسوار الباستيل في باب العزيزية وليس طائرات الناتو ويذكرنا الذين سرهم غاية السرور ما سموه تحريرا حضاريا نظيفا للمدينة, برسالة القائد العسكري للمستعمرين البيض الامريكان الى مقر القيادة على ضفاف نهر البوتوماك بعد ان احرق مدن وقرى الهنود الحمر على تلك الضفاف: (لقد انجزنا المهمة بصورة حضارية نبيلة رائعة وازلنا المتوحشين منها بخسائر قليلة (وكانت خمسين الف متوحش, فقط.. ولم تكن خسائر الشعب الليبي منذ شباط الماضي وحتى احتلال طرابلس اقل من ذلك.
لكل ذلك, فأمام شرفاء واحرار ليبيا الذين يرفضون عودة الاستعمار لبلدهم ونهب مقدراته, ان يوحدوا صفوفهم كما حدث في العراق بعد احتلاله ويمنعوا عودة هذا الاستعمار سواء كانوا في صفوف الذين ثاروا على العقيد او كانوا من انصاره او كانوا مستقلين.
ومن نافل القول هنا, ان الوكالة الامريكية الدولية بصدد توزيع التركة الليبية بين شركاتها والشركات التركية وتأمين صندوق نفط للانبعاث العثماني, حصان طروادة الامريكي الجديد في الشرق كله, لاستيعاب الحراك الشعبي العربي في خطاب طائفي , يقطع الطريق على الهلال الشيعي ويعوض الوعود الامريكية لانقرة بسورية .
ومن نافل القول, ثانيا, ان علينا انتظار دوامة عنف اهلية على انقاض جماهيرية العقيد وليس دولة تعددية ديمقراطية فالناتو ومرتزقته لم يدمروا ليبيا من اجل سواد عيون الليبيين وحقوق الانسان, بل من اجل سواد عيون النفط.
وكما لم يتردد الناتو عن الطيران فوق ليبيا باسم التدخل الانساني, لن يتردد عن الهبوط على ارضها باسم وقف الحرب الاهلية القادمة.(العرب اليوم)