الملكة رانيا!

يحمل سجلها العديد من المبادرات فقد ابدعت دائماً في اطلاقها وتعهدت أن تتابع الكثير منها وأن تجسده عملاً ملموساً في مجالات مختلفة لعل أبرزها ما اصاب التعليم ومشروع مدرستي تحديداً والذي جدد الحياة في أكثر من (500) مدرسة كما حاولت المبادرة أن تخترق جدران الاحتلال لتصل الى القدس وما زالت المحاولة التي تحتاج الى جهد وطني وعربي واسلامي برسم من يدفعها ويتبناها ويعمل على تأصيلها فهناك عقبات يحتاج ازالتها الى ما هو أكثر من المتاح..
لست الأعرف أو الأقرب لجهود الملكة ولكني أتابع ذلك وقد استمعت اليها في مداخلات عديدة اتسمت بالقدرة على الطرح والتحليل والبحث عن الحقيقة والحسم..
فلديها قدرة ناقدة عميقة وطاقة على الاستخلاص واعادة توزين المعطيات بموضوعية.. للملكة في معالجة القضايا أسلوب مدهش حين ترغب أن تطرح أي قضية من كل جوانبها قبل أن يبت فيها..
في الافطار الرمضاني الأخير وقبل يوم العيد بخمسة ايام استمعت الى مداخلات عديدة قدمتها الملكة في الاعلام والاقتصاد والفقر وسد حاجات الناس وبناء الثقة واعادة التوازن الى مجتمعاتنا المحلية بالوصول اليها وتلمس حاجاتها وافساح دور أوسع للمرأة وتمكينها وأهمية الاستماع للشباب والعمل على تمييز الاصوات الحقيقية من الزائفة في مسيرة الاصلاح..كان لديها قدرة هائلة على الانصات والتتبع وطرح الاسئلة الاستفسارية وعدم استعجال الاجابات الجاهزة..او اعارة الاهتمام للاشاعة وكانت تشفق ان يندفع مجتمعنا نتاج حاجاته باتجاه الاشاعة أو تصديق أصحاب الاجندات الخاصة ممن أكلت اصواتهم العالية في رأس الناس حلاوة ولو الى حين..
الملكة بشخصيتها وأسلوب تعاملها البسيط والمتواضع وانسجامها التقليدي في التركيب الاجتماعي على مختلف الوانه أحدثت الكثير من التوازن الموضوعي والذاتي داخل أسرتها الصغيرة والكبيرة..وهي تساعد الملك في اسناد أفكاره وتقديمها ومتابعتها وفتح الآفاق لأفكار جديدة ونشطة وقابلة للاثمار..
في النقاش الذي دار كانت الملكة تحبذ النقد البناء الهادف وتسعى من خلال اسئلتها الى تخصيبه وتفعيله حتى لا يملأ النقد الأسود المدمر القائم على الاشاعة المساحات المتاحة وكانت ترى والمداخلات تطرح أن النقد الهادف والجرأة والصراحة لا بد أن تجد طريقها على الطاولة الملكية دون تعطيل أو اعاقة أو تردد ولذا كان لساعات الحوار ما يبررها وما يجعل المشاركين فيها ليالي القدر يدركون كم هي قيمة الشفافية في ادراك الحقيقة وكم تصبح الحقيقة ليست ضالة المؤمن فحسب وانما ضالة صاحب المُلك باعتبار أن الحقيقة هي العدل مهما كانت مرة وباعتبار « أن العدل أساس الملك»..
لا نشفق على مجتمعنا من الفقر والعوز وقلة الموارد ولا حتى من سوء فهم ذوي القربى أو غيرهم ولكننا نشفق من غياب العدالة حين لا يكون هناك من يحرص عليها أو يحاول القفز فوقها أو انكارها..
استضافة الملك والملكة والحديث لمجموعة من الكتاب الصحفيين أراد أن يرسل رسائل أبرزها ان مسيرة الاصلاح مستمرة وأن العدل هو عنوانها القادم وأن من كانت لديه نصيحة أو رؤية أو حتى «شق تمرة» فليقدمها اتقاء الاختلاف او الفتنة أو ما يضر مصالح بلدنا ووحدته الوطنية التي هي الأهم الآن أكثر من أي وقت مضى..(الرأي)