ثوريون ضد الثورة

نعم لا خيار ثالثا بين استمرار انظمة الفساد والاستبداد العربية وبين الانتفاضات الشعبية لشارع عربي غير متبلور طبقيا ومدنيا ومفتوح على انفجارات مذهبية وجهوية.
ولا تتحمل انظمة التبعية العربية القطرية المسؤولية وحدها عن ذلك, فكل دولة قطرية وكل معارضة تتوهم فك التبعية والتحرر الوطني خارج المشروع القومي للامة العربية كلها, متورطة في هذه المسؤولية وما لم تغير برنامجها فلا قيمة لخطابها.
ان الامة التي لم تقاتل من اجل انجاز دولتها القومية, برجوازية ام اشتراكية ام اسلامية, مطالبة بتحمل مسؤولية ذلك والاستعداد لدفع هذا الثمن التاريخي, وبالتالي فلا يجوز الخضوع لابتزاز الانظمة البوليسية الفاسدة, نحن او الانفجارات والحروب المحلية, وفي الوقت نفسه, على قوى الشارع المختلفة الارتقاء الى مستوى المسؤولية التاريخية والتصرف انطلاقا من ان الشارع ليس احتكارا لقوى دون غيرها.
فلا يستطيع اليسار ان يزعم ذلك في غياب طبقات ناجزة او مجتمعات مدنية مندمجة, ولا تستطيع اية جماعة مذهبية او جهوية ان تمارس الاقصاء ضد اية جماعات اخرى.. فلا مناص ولا بديل عن بلورة كتلة تاريخية في اطار اوسع جبهة ممكنة وفق ثوابت محددة: الحفاظ على مركزية الدولة ووحدة اراضيها ووحدة مكوناتها المختلفة, واشتقاق برنامج ديمقراطي انطلاقا من ذلك, يربط الحريات العامة والتعددية السياسية والمذهبية والفكرية بالعدالة الاجتماعية والاقتصادات الانتاجية, وبالدفاع عن ثقافة المقاومة وهوية الامة ضد الاعداء الامبرياليين والصهاينة.
نعم للانتفاضات الشعبية ولمواجهة الابتزاز الرسمي والتخويف بالانفجارات الجهوية دفاعا عن الفساد والاستبداد.. ولا لكل التبريرات التي تسوقها قوى المعسكر الواسع التي تخدم خطاب الابتزاز المذكور, بنوايا حسنة او سيئة:
بعضها من موقع سرقة هذه الانتفاضات وتلوينها بالثورات الملونة الامريكية المشبوهة لاعادة تأهيل هذه الانظمة ودمجها في النظام الرأسمالي العالمي باقنعة ونخب ليبرالية.
وبعضها من موقع القلق المتنوع الاسباب من المذهبية الى الجهوية واقنعتها المختلفة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار...
وبعضها تحت شعار جدل بيزنطي حول مفهوم الثورة نفسه بانتظار ثورة طبقية بعد عشرين او ثلاثين عاما ويتجاهل ان مفهوم الثورة ليس احتكارا يساريا فالثورة ليست كبسولات جاهزة وقد تكون برجوازية او ديمقراطية طالما تشكلت في سياق تحولات نوعية لعلاقات وقوى الانتاج والحراك الاجتماعي.(العرب اليوم)