الحياة خارج عمان

تنمية المحافظات واحدة من اكبر التحديات التي تعصف بالعملية التنموية لا بل يكاد كل خطاب حكومي يركز على هذا المفهوم, لكن للأسف كانت النتائج على الدوام اقل من الطموح المستهدف.

الحياة خارج عمان تختلف جذريا عن ما في داخلها, وهذا يعود لجملة من الاسباب التي ادت الى هذا الوضع المخل في العملية التنموية, فالحكومات فاقت متأخرة تجاه المحافظات ويكاد يكون برنامج تنمية المحافظات المدعوم من البنك الدولي بحوالي 480 مليون دولار عام 1998 اول تلك البرامج التي هدفت الى ادراك الخلل التنموي في المملكة, لحقته برامج متعددة مثل برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي وغيرها من الخطط التي انفقت مئات الملايين من الدولارات والنتيجة هي الاخرى غير مرضية لاهالي المناطق المستفيدة ولا للحكومات التي انفقت تلك الاموال.

اول صعاب التنمية في المحافظات هو ان معظم برامج التنمية انفقت هناك على بنود لم يكن لها مردود انتاجي او تأهيلي للمحافظات لا بل انها لم تستهدف يوما من الايام ايقاف هجرة ابناء المحافظات الى العاصمة التي تهيأت بها ظروف العمل غير الموجودة في اماكن تواجدهم.

اول متطلبات التنمية في المحافظات هو ابقاء ابنائها فيها ولا يكون هذا الا من خلال برنامج تنموي شامل يتضمن خطة استثمارية في المحافظات تستغل الميزة النسبية لكل محافظة.

هذا الكلام ليس نظريا انما هو حاجة تقتضيها الظروف العملية, وتكون اولى خطوات هذا البرنامج ايجاد مراكز التدريب المهني والتقني النوعي في المحافظات يكون ركيزة اي مشروع يسوق في المحافظات بدلا من ضياع جهود الترويج الاستثماري في المحافظات التي تتبخر بفقدان الايدي العاملة من مختلف مستوياتها , فكثيرة هي المشاريع التي اتت للمحافظات ثم انسحبت بعد اشهر قليلة تبحث عن العاملين والموظفين هناك.

تسهيل عملية التأسيس للمشاريع الصغيرة احد عناصر النجاح لأي خطة تنموية في المحافظات, وهذا يكون من خلال ايجاد نافذة تمويلية حقيقية وفاعلة مرتبطة بتدريب وبدراسات جدوى واضحة للمشاريع حتى لا يكتب لعمليات التمويل الفشل كما كتب على سابقاتها او حتى لا يرى البعض فيها معونة بطريقة غير مباشرة.

الحكومة مطالبة بتغيير ثقافة العمل عند الاردنيين في مختلف محافظات المملكة, ولا يكون هذا الا من خلال ايجاد المنفعة الحقيقية لاعمالهم التي يجب ان تنظم في اطار مؤسسي قابل للديمومة والاستمرار من خلال الزامية التأمين الصحي والضمان الاجتماعي لجميع العاملين وتهيئة ظروف مناسبة للعمل.

الحكومات مطالبة بأن تكون لديها خلية اتصال تنفيذية مع المصانع والشركات المختلفة المتواجدة في المملكة, مهمتها دراسة اوضاع تلك الشركات ومساعدتها على تخطي الازمات التسويقية والتمويلية التي تعاني منها وتوفيرها على شكل حزمة مساعدات ميسرة للمستثمرين شريطة قبولهم بتشغيل مبرمج للاردنيين وتأهيلهم لسوق العمل.

التركيز التنموي على المحافظات امر مهم للغاية لعدة اسباب اهمها هو ضرورة العمل على اعادة توزيع الثروات بين ابناء البلد الواحد وتقليص الفجوة المعيشية بين المحافظات والعاصمة قدر الامكان, وتثبيت ابناء المحافظات والقرى في اماكن سكناهم وبناء تلك الاماكن بسواعد ابنائها بدلا من الاعتماد على العمالة الوافدة, اضافة الى ان تلبية مطالب المحافظات التنموية هو واجب على الحكومات وليس منة كما يعتقد بعض المسؤولين ذلك.

تعزيز الاستقرار في المجتمع امر ضروري لاعادة التوازن العام في المملكة , والافضل ان يكون هناك صندوق خاص بذلك يحدد خارطة الاستثمار والتنمية في المملكة وتوحيد الجهود والموارد المحدودة, في النهاية يكون الهدف مركزا على محاربة البطالة التي سيكون كابوسها هو التحدي الاكبر لاية جهود لاستقرار البلاد والعباد.(العرب اليوم)