سوريا: كل «السيناريوهات» تؤدي لرحيل النظام

تم نشره الأحد 04 أيلول / سبتمبر 2011 01:13 صباحاً
سوريا: كل «السيناريوهات» تؤدي لرحيل النظام
عريب الرنتاوي

في غير مكان من هذا العالم، تجرى بكثافة تمارين على بناء السيناريوهات – Scenario Building Exercises - التي قد تنتظم مسار تطور الأزمة السورية الراهنة وتقرر مآلاتها...معظم هذه السيناريوهات، إن لم نقل جميعها، تنتهي إلى خلاصة واحدة: رحيل النظام السوري، بعد أزيد من عشريات أربع من السنين.

قد يكون هذا الرحيل دامياً...وقد سال من الدماء ما يكفي حتى الآن، لجعل أكثر السيناريوهات تفاؤلاً- سيناريو دامٍ، بل ومخضب بالدماء- (السيناريو الليبي)...وقد يكون الرحيل سبباً ونتيجة في اندلاع حالة من الفوضى والاحتراب الأهلي والتقسيم (السيناريو العراقي)...وبيد النظام وحده، أن يحفظ سوريا، وأن يجعل الرحيل أقل كلفة عليه وعلى البلاد والعباد، بأن يفتتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا الحديث، لكن المؤسف أن هذا السيناريو، هو الأقل احتمالاً، بعد أن تكشف النظام عن عقم في الخيارات وإعاقة في الحركة.

لم يعد لدى النظام سوى أصدقاء قلائل على ساحتي الإقليم والعالم...لم يكن يوماً ظهره إلى الجدار، كما هو عليه اليوم...حتى في السنوات العجاف التي مر بها بعد احتلال العراق واغتيال الحريري والانسحاب من لبنان..ظل النظام مطمئناً إلى دعم مروحة أوسع من الأصدقاء والحلفاء...والأهم أنه كان مطمئناً إلى سلامة جبهته الداخلية، وهي التي صارت «نقطة ضعفه» و»كعب أخيله» إن جاز التعبير.

في السابق، كان المطلوب من النظام أن يتخلى عن دوائر ومساحات نفوذ في العراق ولبنان وعلى جبهة عملية السلام والقضية الفلسطينية ومن كيس علاقاتها التحالفية المتميزة مع طهران...اليوم تبدو المطالب أشد تعقيداً وهولاً بالنسبة له...فهو مطالب بأن يترجل عن حصان السلطة، الذي امتطاه أباً وإبناً، سواء تحت ضغط الشارع وحراكه السلمي والعنيف، أو على وقع الانتخابات وصنادق الاقتراع.

من قبل، كانت لدى النظام «هوامش» مناورة، تتسع وتضيق...يتراجع خطوة في لبنان، ليتقدم خطوتين في العراق...يناور بمفاوضات مع إسرائيل مطلوبة بذاتها ولذاتها، وليس لنتائجها ومآلاتها، ويسد الطرق ما أمكن في وجه المفاوض الفلسطيني...يلوذ بساركوزي من ضغوط بوش وأوباما...يستقوي بالدوحة على الرياض...وبتركيا – وبحارها الخمسة – في مواجهة محور الاعتدال...ودائما بالاستناد إلى دعم إيراني موثوق و»غير قابل للنقض»، فضلا عن جبهة داخلية، بدت راكدة بلا حياة، لأكثر من ثلاثين عاماً، أي منذ أن تحرّكت بصخب في أواخر سبعينيات القرن الفائت، حين كانت «حماة الأولى»، عنوانها الأبرز.

اليوم، ذهب كل هذا وذاك وتلك، أدراج الرياح، وفي لمحة بصر...لم تعد لدى النظام أوراق قوة يعتد بها على الساحة العربية – السودان والجزائر ونصف لبنان- أما على الساحة الدولية، فإن «الخبرة الروسية» في التعامل مع ملفات المنطقة، لا تجعل النظام ينام على حرير الأوهام والرهانات، فلطالما «لحست موسكو مواقفها» في آخر لحظة، وروسيا لديها الكثير من «الخواصر الرخوة»، التي تجعل الغرب، صاحب اليد العليا في السياسة الدولية.

وإن صحت الأنباء – وليس ثمة ما يدعو لعدم تصديقها – فإن أقرب المقربين إليه: إيران وحزب الله على سبيل الحصر، قد شرعا في سبر أغوار مرحلة «سوريا ما بعد الأسد»...طهران «تجس نبض» الإخوان المسلمين في سوريا، بواسطة نظرائهم المصريين، وحزب الله يتحدث عن «معادلة الأمن والإصلاح» مقتفياً أثر طهران ومقلداً مقاربتها الأخيرة للملف السوري، كما جاءت على لسان الصالحي...فتتأكد للمرة الألف أو المليون، القاعدة الذهبية في السياسة: مصالح ثابتة لا صداقات ثابتة.

لم يعد بمقدور النظام أن يقدم تنازلات للغرب أو أن يعد بها...لا ورقة «السلام مع إسرائيل» باتت صالحة لإسالة لعاب الغرب، ولا التخلي عن حلفه مع إيران بات مقبولاً كثمن لبقاء رأسه فوق كتفيه...والأهم من كل هذا وذاك، أنه بات عاجزاً عن التلويح بـ»خيار هدم المعبد» على الجبهة الجنوبية، أو تحريك ورقة حزب العمال الكردستاني على الجبهة الشمالية (كما تقول المصادر التركية)...هذه الأوراق حرقت تماماً، ولن يترتب على استخدامها أو التلويح بها، سوى تقصير أجل النظام وتسريع رحيله، واستعجال التدخل الخارجي العسكري، وتوفير كل المبررات التي ينتظرها.

والمؤسف أن النظام الذي لم يمتلك يوماً الرغبة في تقديم «التنازلات» لشعبه، لم يعد قادراً على تقديمها اليوم، حتى وإن تولّدت لديه الحاجة إلى ذلك...فالطريق الذي اختطه منذ آذار، هوطريق ذو اتجاه واحد، ومنذ «حماة الثانية»، بلغ هذا الطريق «نهاية غير نافذة».

المعركة باتت مفتوحة بين نظام أعزل من الحلفاء وشعب أعزل من السلاح...الأول يواجه العزلة والعقوبات والحصار – وربما محكمة الجنايات الدولية – وسيل من قرارات مجلس الأمن الوشيكة...والثاني، مدجج بالدعم الدولي والإقليمي، النزيه والمُغرض، الصادق والخبيث، الجميع التقوا على ما يبدو، حول شعار «ارحل»...الجميع تلقوا من هزيمة القذافي، قوة دفع إضافية، ومع ذلك، سيظل هنالك في دمشق من يقول ويردد: سوريا ليست ليبيا ؟! (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات