عبدالرحمن النعيمي

بعد سنوات من "الكوما", رحل المناضل والمفكر القومي, عبدالرحمن النعيمي, احد مؤسسي وقادة حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية في الخليج العربي عموما, وفي البحرين خصوصا..
رحل ابو خالد, ابو امل, الذي عرف لسنوات طوال باسمه الحركي, سعيد سيف وكان طوال وجوده في المنفى وحتى عودته الى البحرين, عنوانا وضميرا وقائدا لحركة التحرر القومي.
رحل, المعلم, المفكر, المقاتل, النقابي, الناشر والكاتب والمهندس خريج الجامعة الامريكية في بيروت, عن حياة حافلة بالعطاء والايثار والتواضع والمناقب الاخلاقية والانسانية..
كان بيته في دمشق ورشة مفتوحة للحوار والتفاعل والمبادرات والتنسيق بين اوساط مختلفة, فكرية وسياسية ونقابية, يسارية وقومية وديمقراطية.. وهو ما اتاح لنا معرفة مناضلين ومبدعين عرب معروفين رحل الكثير منهم وكأني بهم لا يريدون ان يسبقهم ابو خالد الى المثوى الاخير. فذلك البيت, بين ساحة عرنوس وساحة الشهبندر, جمع عبدالمعين الملوحي شاعر ومثقف حمص الكبير صاحب قصيدة (ابهيرتي) والروائي هاني الراهب, والمفكر بوعلي ياسين, والمناضل ناصر السعيد وابو علي مصطفى وصابر محي الدين والمفكر العراقي هادي العلوي والروائي عبدالرحمن منيف. وفي مفارقة اخرى, فقد تعرفت في ذلك البيت على عدد من الاردنيين, محمد الهباهبة وابو عيسى (من قادة المعارضة في الخارج) آنذاك اضافة لمقاتلين ومناضلين امميين مثل هاكوب هاكو بيان (مجاهد) من الجيش الارمني.
وقد اخترت هذه الاسماء لانها رحلت جميعا, موتا او اغتيالا في مواقع مختلفة من ساحات الابداع او النضال العربي والاممي.
رحل ابو خالد الذي علمني الكثير ورافقته في مؤتمرات وفعاليات عديدة في دمشق وبيروت والجنوب اللبناني وطرابلس والجزائر والقاهرة والمغرب وقبرص كما في البحرين والاردن بعد عودتنا من المنفى.
ابو خالد, احساس استثنائي بالمسؤولية الوطنية والقومية والاخلاقية, لياقة وتهذيب وجلد وصبر واحترام للرأي الآخر, وعقل نقدي جدلي عميق, وصفحات مشرفة في الكفاح, والصمود ومواقف لم تهادن ولم تساوم على ثوابت الامة وحقها في استرداد كل شبر عربي, وفي الوحدة والديمقراطية والتقدم...
ابو خالد, ابو امل, عبدالرحمن النعيمي, سعيد سيف ولسنا الا اسماء اخرى له, نجهد ما نستطيع لان نكون حضوره في غيابه, وظله المديد في مرتقاه البعيد.
انسان ومناضل قل نظيره وحزن مقيم فينا ما اقمنا دونه.(العرب اليوم)