النطق باسم الأردنيين من أصل فلسطيني!

تقرأ وثائق ويكليكس التي كشفت تفاصيل اتصالات اجرتها السفارة الامريكية في عمان مع شخصيات سياسية،ومن مواقع شتى،وتشعر بصدمة كبيرة،لان بعضنا يستقوي بعواصم كبرى على البلد،واهل البلد،الذين نحن جميعاً جزء اصيل لايتجزأ منهم.
مؤسف هذا المشهد،ولو قيل كل هذا الكلام الاسود في حوار وطني داخلي وبصراحة وبجرأة،لكان مقبولا،بكل مافيه،وبكل ماعليه من ملاحظات،اما ان يقال في السفارة الامريكية،او امام اي مسؤول اجنبي،فهو امر مخزٍ بكل المعاني.
بأمكان اي واحد فينا ان يتحدث الف ساعة،عن الوحدة الوطنية،وعلاقات الاردنيين مع بعضهم،من شتى اصولهم ومنابتهم،وعلاقة الدولة مع مكوناتها الاجتماعية،وغير ذلك من قصص وحكايات.
الاصل ان لانحرض دولا اجنبية على البلد،والاصل ان لانتباكى على كتلة سكانية،باعتبار ان بقية السكان نافذون ومليونيرية،وحياتهم قمرة وربيع،والاصل ان لانسمح بطعنة واحدة في ظهرنا جميعا،ولا ان نسرق وكالة جزء من مواطنينا لنتحدث باسمهم.
الاصل اننا اذا جلسنا مع مسؤول امريكي ان نقول له ان فلسطين عربية،والقدس عربية،وان حق العودة لاتفريط به،وان مشكلة الناس ليست مع بعضهم البعض،ومشكلتهم مع الاحتلال فقط.
الحاصل هو تطبيق نظرية الاستبدالات.استبدال القضية الاساسية،بقضية اخرى،واستبدال العدو الاساس بعدو بديل ومستحدث.
هكذا يحدث،تحولت قصة الحقوق المنهوبة على يد اسرائيل،الى قضية حقوق منهوبة في الاردن،وتحول العدو،من الاسرائيلي،الى العدو الجديد اي الاردني الذي يستهدف الفلسطيني!.
تيار المحاصصة خطير جداً،ويخدم اسرائيل اولا،لانه يستبدل الحقوق بحقوق اخرى،ويستبدل العدو بعدو اخر،ويمعن في طعن الاستقرار،ويتنكر لكل السمات الطيبة الاجتماعية،ولكل سمات العلاقة مع الدولة والناس والمواطنة.
هذا عار كبير،لان المرء لايقدر ان يدافع عن تيار المحاصصة،لانه باع فلسطين،ولانه ايضا يطعن ظهورنا جميعا،ويسرق اسمنا ليقول ان هذا هو همنا،وهذه هي همومنا،وهو ايضا يتنكر لعيش طويل واخوة دم وعدالة لايراها الا من يريد ان يراها.
اذا كانت هناك حقوق منهوبة فهي الحقوق الاجتماعية التي سرقتها الحكومات من الجميع،من عدالة اجتماعية،من تعليم وصحة،من وظائف ورفاه،من مال وارض،وحاضر ومستقبل،وهي حقوق منهوبة من كل اهلنا،في مدنهم وقراهم ومخيماتهم وبواديهم.
اما التمثيل السياسي فهو اخر هموم الناس،الذين ينامون وفلسطين في قلوبهم،والاردن في عيونهم،لانهم يعرفون ايضا،ان معاندة البوصلة الشعبية والوطنية،امر كارثي،واستبدال الحقوق والاعداء،بحقوق واعداء اخرين،لايخدم الا اسرائيل.
اذا كان هناك عدم عدالة وغياب في الحقوق لاردنيين من اصل معين،فماذا نقول عن مئات العشائر التي لايتعلم اولادها،ولايحصلون على وظيفة،ولا يتم فرز مساعد لمتصرف او مأمور مقسم في بلدية منهم،وهل غياب العدالة حكر على طرف دون طرف؟!.
تحريض الامريكان على بلدنا واهلنا واستقرارنا امر مخزٍ جدا،ونحن براء منه،وكان الاولى ان يقول المرء كلمته بصراحة بين اهلنا،في حوار وطني يحتمل كل الاراء والملاحظات،وبغير ذلك لايختلف الاتصال السياسي،عن اي خيانة صغرت ام كبرت.
ليس من حق احد ان ينطق باسم الاردنيين من اصل فلسطيني ويصورهم بكونهم مضطهدين ومذبوحين،وبكونهم بوسنيين تحت سكين الصربيين،ان شرفنا الحقيقي هو في الحفاظ على استقرار البلد،ووحدته،وعدم طعنه في ظهره.
ليس بين الاردنيين من شتى اصولهم الا الخير،فيما سراق الوكالات يتاجرون سراً وعلنا بحياتنا ووجودنا.(الدستور)