عار مانهاتن بين ارهابيين

مقابل العنف الاصولي الذي نشأ اصلا في المناخات الناجمة عن تمزيق المستعمرين الاجانب لأمتنا وبناء جدار صهيوني عازل بين شرقها وغربها واحتجاز تطورها وثرواتها, ومنعها من بناء دولتها القومية "محمد علي وعبدالناصر" على غرار دولة السوق القومية الاوروبية والامريكية, وبعثرة الامة في سلسلة من الكيانات القطرية غير المؤهلة للاندماج المدني وعقده الاجتماعي وعقله الجمعي الحديث ..
مقابل هذا العنف وغلاته, اطلق الغلاة الامريكيون شكلا أصولياً آخر من الارهاب بعد عار مانهاتن, هو ارهاب اللاعقلانية والداروينية الاجتماعية والبيولوجيا الرأسمالية المتوحشة ..
وكان التواطؤ جليا, بين الحقل الفلسطيني الامريكي وحقول البنتاغون والمزرعة اليهودية العسكرية في فلسطين المحتلة .. بين دريدا, مؤسس فلسفة التفكيك المناهضة للعقل والعقلانية, وبين بوش الصغير وديك تشيني, ولفتز وريتشارد بيرل وغيرهم من غلاة الاصولية الامبريالية ...
ويحس بلا معنى ان يتحول تفكيك البرجين, وفوضى الهرج والمرج التي اعقبت ذلك في حي المال الامريكي والبورصة الربوية اليهودية الى تفكيك شامل, وراء البحار وخطوط التصدع الحضاري, حسب هنتنغتون. فما من دولة ولا ثقافة لم يلوثها دريدا والبنتاغون خدمة للمثلث غير المقدس: النفط, السلاح ويهوه, رب الجنود والجنون شرق المتوسط ..
بهذا المعنى, فان ما حدث في مانهاتن, عار حقا, حسب الوصف الامريكي نفسه أيا كانت غاياته ومراميه البعيدة, فهذا الوصف, هو اكثر ما يشخص تلك اللحظة الدرامية, ما قبلها وما بعدها ايضا .. عار الامة التي تضطهد بقية الأمم, وعار الامة التي أخفقت في حماية غرف نومها من غبار قاتل عابر, وصحون طائرة مدنية غامضة.(العرب اليوم)