اعتصام امام سفارة فرنسا

بعد اعتصام المتقاعدين العسكريين امام السفارة الامريكية, وبعد اعتصام القوميين واليساريين ونشطاء جمعية المناهضة امام سفارة العدو الصهيوني, وهو الاعتصام الذي حاولت بعض المنابر تجييره للحركة الاسلامية, فيما اثار اخرون اسئلة حول سر تضخيمه وتوظيفه (اقليميا). يقوم نشطاء يساريون وقوميون بتنظيم اعتصام امام السفارة الفرنسية وذلك الساعة السادسة من مساء اليوم الاربعاء.
وما يجمع السفارات الثلاث هو مواقفها المعادية للعرب ولا سيما القضية الفلسطينية اما ما يجمع المعتصمين فهو ربطهم بين معركة حقوق الانسان والحريات العامة والاصلاح السياسي وبين معركة الامة ضد العدو الصهيوني والاحتلالات الاجنبية لقوى الاستعمار القديم والجديد, السياسي والاقتصادي والثقافي.
وهو ما يميز الثورات الشعبية الحقيقية عن الثورات الملونة والمضادة التي تفصل حقوق الانسان (الليبرالية) عن حقوق الوطني والامة في الاستقلال وفك التبعية.
واذا كان الكيان الصهيوني سافرا واضحا في عدوانه وجرائمه واغتصابه للارض العربية في فلسطين وخدمة الرأسمالية السائدة في كل مرة (بريطانيا ثم امريكا).. واذا كانت الامبريالية الامريكية سافرة وواضحة في دعمها لهذا العدو وفي جرائم الابادة الجماعية ضد الشعوب المستضعفة ونهب مواردها وثرواتها, فان فرنسا اليوم تتخلى عن تقاليدها الديغولية وتعود سيرتها الاستعمارية الاولى عبر اخطر اختراق صهيوني في تاريخها, حيث لم تشهد دولة اوروبية منذ دزرائيلي اليهودي في بريطانيا, كما تشهد فرنسا هذه الايام على يد جلاد الضواحي الباريسية من الفقراء والعمال العرب والمسلمين والفرنسيين عندما كان وزيرا للداخلية.
وليس صحيحا ايضا ان مجمل التاريخ الفرنسي من الشرق والقضية الفلسطينية ومن الاردن كذلك, تاريخ مختلف عن بقية المتروبولات والعواصم الرأسمالية العالمية. فمن تقسيم سورية الطبيعية الى دعم العصابات اليهودية والاعتراف بدولتها عام 1948 الى بناء المشروع النووي الصهيوني اضافة الى فلاسفة العنصرية الاوروبية الكبار ضد الشرق, مثل ارنست رينان وجوبينو الى دور محفل الشرق الاعظم في التمهيد (الناعم) لكل حروب فرنسا الاستعمارية باسم التنوير والليبرالية..
ومن مفارقات الحالة الاردنية على وجه الخصوص, النفوذ الفرنسي الاقتصادي وسيطرته على اهم المؤسسات والمشاريع الاقتصادية مقابل محطات خطيرة في الدبلوماسية الفرنسية تنسجم مع دعوات تصفية القضية الفلسطينية في الاردن.(العرب اليوم)