تصدير الزيتون إلى (إسرائيل)!!

لقد شعرت بانقباض شديد عندما قرأت الخبر المنشور في وسائل الإعلام الأردنية عن القرار الحكومي الذي يسمح بتصدير الزيتون إلى دولة الاحتلال, وكم كانت صيغة القرار المنشور مزعجة بما يحمله القرار من التوافق, فقد نشر الخبر على الصيغة التالية:
قال مصدر حكومي مسؤول: "انّ المشاركين في اجتماع اللجنة الفنية توافقوا خلال لقاء أمس في مبنى الوزارة على تأييد قرار الزراعة القاضي بتصدير الزيتون الى الخارج, وبين المصدر الذي رفض الإفصاح عن اسمه أن وزارة الزراعة لن تتخذ قراراً بعدم التصدير الى الخارج بشكل عام والى "إسرائيل" بالتحديد, لوجود اتفاقية سلام بين عمان وتل أبيب".
اشعر بالحزن الشديد لتصدير هذه المادة (زيت الزيتون) خصيصاً, لأهميتها وقدسيتها عند الأردنيين, فمنذ أن فتحت عيون أطفال الأردن على الحياة, وجدوا" الزيت والزعتر" هي مادة الافطار الرئيسية والدائمة, واختلط زيت الزيتون بدم الأردنيين ونال مرتبة القداسة, فلا يسهل أبداً تخيل هذا الجيل من الأردنيين انسياب هذه المادة المقدسة الى" العدو".
وتكمن المشكلة أن هذا العدو "الشاطر", سوف يعيد تعليب الزيت الأردني بقوارير فاخرة, جميلة المنظر, ويعيد تصديرها للأوروبيين بعشرة أضعاف السعر الذي اشتروه من الأردنيين البسطاء, وبالطبع تحت اسم صناعة" إسرائيلية".
لا ادري ما الذي يضطر وزارة الزراعة الى اتخاذ مثل هذا القرار, ولماذا لم يتم التعامل مع الدول الأخرى التي تحتاج الى هذا الزيت مباشرة, ومن دون الوسيط الإسرائيلي.
المشكلة الأكبر أن هذا الخبر جاء متزامنا مع نشر عدة تصريحات صدرت عن زعامات صهيونية, تهدد الأردن وتسخر من شعبه بكل وقاحة وصلف وغطرسة واستعلاء.
واخر ما يثير اشمئزاز الأردنيين ما نشرته صحيفة (يدعوت احرنوت) في افتتاحيتها عن قرب إنشاء دولة فلسطينية في الأردن رغم انفها وأنكرت الصحيفة وجود شعب أردني, بل هم عبارة عن مجموعة قبائل وبدو وعربان متنقلين جاءوا الى المنطقة بشكل عشوائي, وتضيف الصحيفة أن شرق الأردن وغرب الأردن هي "ارض إسرائيلية" .
ثم بعد ذلك تخرج علينا وزارة الزراعة بهذا القرار الذي يجرح مشاعر الأردنيين, خاصة أولئك الذين يعرفون قيمة الأرض والزيتون.
وإذا أضفنا الى ذلك ما تقدمت به وزارة السياحة أيضاً من شراكة أردنية ¯" إسرائيلية" لتسويق البحر الميت عالميّاً, والتصويت على جعله من عجائب الدنيا السبع.
لماذا يصر وزراؤنا على تقديم الخدمة والاحترام للصهاينة وهم يوجهون للشعب الأردني في كل يوم اهانة وفي صبيحة كل يوم إساءة, لماذا لا تحترم الحكومة مشاعر شعبها وترد على الإساءات التي يوجهها الصهاينة المحتلون لنا بشكل دائم ومستمر, ولماذا لا نصل الى ذلك المستوى التي وصلت إليه الحكومة التركية التي أعلنت قطع كافة العلاقات العسكرية والتجارية مع (إسرائيل) لأنها رفضت الاعتذار للشعب التركي . ومن المعروف أن تركيا تقيم علاقات كاملة مع (إسرائيل) منذ عقود طويلة, ومع ذلك فان الرئيس التركي أراد أن يعطي درساً لكل زعماء العرب وحكوماتهم من اجل الاحتفاظ بقسط يسير من الكرامة ونزر قليل من ماء الوجه, الذي أهرقته الحكومات العربية الهزيلة في سبيل إرضاء عدو لئيم متغطرس, يحتل الأرض والمقدسات, ويقتل ويدمر ويحاصر ويتمرد على قوانين البشر وكل قيم السماء.
وتقول للحكومة ولوزارة الزراعة تحديداً, الزيت غال عند الأردنيين الحراثين المنتمين لوطنهم, ويعز عليهم التفريط به للعدو, ونرجو من الحكومة وزراعتها أن تحترم كرامة الأردنيين ورمز وطنيتهم واستقلالهم وأردنيتهم الأصيلة.(العرب اليوم)