دعم السلع أم الدخل؟

بعد أن اتضح أن كلفـة الدعم الاستهلاكي هذه السنة سوف تتجاوز مليار دينار نجـد في التداول توجهاً رسمياً معلناً نحو التحـول من دعم السلـع لصالح الأغنياء كل بقدر استهلاكه، إلى دعم المستحقين من محدودي الدخل الذين يمكن الوصول إليهم بموجب تعريف واضح وسهل.
هذا لا يعني أن القرار سوف يتخـذ، فسوف تظل الفكرة تدور من حوار إلى حـوار، ومن لجنة إلى لجنة، ومن مؤيد إلى معارض، وفي نهاية المطاف فإن الحكومة لن تأخـذ القرار الصعب خـوفاً من تبعاته السياسية.
التفاؤل بإمكانية إيجاد حلول لمشكلة الدعـم، يقابله التشـاؤم بقدرة الحكومة على اتخـاذ قرار تعرف أن خصومها سوف يوظفونه ضدها، مهما كان منطقياً تفرضه مصلحـة الاقتصاد الوطني.
المتخوفون من قرار رفع الدعـم الشامل والانتقال إلى دعم نقـدي موجه، يستطيعون الاطمئنان، فلا يبدو أن الموضوع سـوف يخرج عن مستوى أفكار تظل معلقة في الهواء. وابشر بطول سلامة يا مربع!.
المنطق الكامن وراء العملية الإًصلاحية هـو ثبوت أن ثلاثة أرباع الدعم يذهب لربع السكان الذين لا يحتاجون للدعـم ولا يستحقونـه، في حين أن ربع الدعم فقط يذهب لثلاثة أرباع السكان من الطبقتيـن الفقيرة والمتوسطة.
من هنا فإن التحـول للدعم النقدي المباشر لن يكلف الخزينة أكثر من ثلث الكلفة الحالية التي تتجاوز مليار دينار، وتسبب عجزاً ممولاً بالمديونيـة.
الأسـلوب البديل لمواجهة الإشـكالية يكون من خلال زيادة الدخول بدلاً من المحاولة العبثية لمنع الأسعار من الارتفاع، فالتضخـم ظاهرة عالمية مستمرة، ولا تسـتطيع أية قوة أن تقف في وجههـا، خاصة في بلد كالأردن منفتح على العالم.
مشكلتنا لا تكمن في ارتفاع الأسعار، فالاستيراد مفتوح وأسـعار معظم المواد تتأثر وتلحق بالأسعار العالمية، المشكلة تكمن في انخفاض الدخول والقدرة على الشراء.
هناك اختلال بين الدخول والنفقات، فالدخول محلية، محـدودة ومتدنية، والأسعار عالمية وفي ارتفاع مستمر، ومن العبث محاولة تثبيتهـا لعدم توفـر الموارد الكافية، زيادة الرواتب من الصعوبة بمكان في ظل تخصيص ربع الموازنة للدعم الاستهلاكي، فهل تكـون الأولوية بعد اليوم لزيادة الدخـول المتدنية أم لدعـم السلع الاستهلاكيـة؟.(الرأي)