مع «أبو مازن» على فنجان شاي!

مكنني سفير دولة فلسطين عطا الخيري من الالتقاء مع الرئيس محمود عباس ابو مازن بعد عودته من الامم المتحدة وذلك في منزله في عمان.. كان صباحه هادئا..
كان الجو مناسبا لأسأل الرئيس عباس عن مهمته الشاقة والشجاعة في الامم المتحدة وعن ما يعلقه الفلسطينيون والعرب من آمال على تلك المهمة.. نظر إليّ وابتسم وقال لم اعد وأنا احمل دولة فلسطينية عضوا في الامم المتحدة على صينية فوق رأسي كما يقول الخلايلة.. لا يجب ان نبالغ.. نعم خضنا معركة هي سلسلة من معارك ما زلنا نخوضها من اجل حقنا.. لا نريد ان نبالغ ولا اريد ان اوهم شعبي ان كل شيء قد تحقق ما زلنا نحاول ان نحسن شروط التفاوض الذي صادر الإسرائيليون مضامينه وجعلوه عقيما.. لن نقبل مفاوضات عقيمة.. نريد مفاوضات لها مرجعيات واضحة وعليهم ان يوقفوا الاستيطان..
قلت: «ولكن الشعب الفلسطيني الذي صبر طويلا قد يشعر بالاحباط وقد يبدأ ربيعه.. فما العمل؟. قال: «رأيي ان نكون واقعيين فلا نبالغ ولا نستهين.. وشعبنا يدرك ذلك ولا يريد ان نزايد على احد والذين يزايدون عليّ يعرفون انهم لا يملكون الا المزايدة.. لقد قدمنا قضيتنا بشجاعة وكشفنا الحالة التي اوصل الاسرائيليون الوضع اليها»..
أثنيت على خطابه وقدمت تحليلاً لبعض فقراته فأنصت لذلك وقد أعجبه التعليق وقال: «صدقني اننا نقدر عالياً مواقف الاردن والملك عبدالله الثاني لقد كان واضحاً وصادقاً».. قلت: والعرب.. قال: اصابعك في يدك ليست واحدة والموقف العربي ليس كما يجب.. لقد عملنا وسننتظر شهرين لنرى.. لقد مارسوا علينا ضغوطاً تنوء بها الجبال.. واضاف قبل ان اقدم الطلب تجنبت لقاء الرئيس اوباما ولكنه طلبني فالتقينا لمدة (45) دقيقة.. أطلعته على سلبية تقرير الرباعية وموقف بلير وهو موقف سيئ وقلت هكذا تريدون؟! هل نحن الذين نعطل التفاوض؟ اظهر اوباما انه متفاجئ.. ولكنه كان يحرك الماكنة الاميركية المنحازة لاسرائيل والمدافعة عنها أكثر من اسرائيل..صمت قليلا وقال: صدقني أن البلاء هو في الموقف الاميركي عليك ان تتخيل انهم انقتلوا ببلد مثل البوسنة.. وما هي البوسنة؟.. تسع مرات ليكون موقفها ضدنا ومع عدم الانتصار لقضيتنا وفعلوا ذلك مع العديد من الدول انهم يراهنون على امتناع الدول وخاصة الأوروبية عن التصويت حتى لا يضطروا الى استعمال الفيتو..نعم كنت أدرك كان هدفي ان اقول للاميركيين والاسرائيليين معاً..نحن مع السلام ومع المفاوضات الحقيقية وانتم تعطلون ذلك وتصادرونه..كثير من الاميركيين فهموا هذه الحقيقة وحتى المثقفين الاسرائيليين كانوا زاروني وأدانوا الموقف الاسرائيلي..لقد ادمن نتنياهو الكذب وهو يجد في الادارة الاميركية من يصدق كذبه ويزيد عليه..
هددونا بكل الوسائل ان لا نذهب.. مشكلتنا ليست في خصومنا فقط وانما في من يزايدون علينا من ابناء شعبنا ومن بعض العرب..
هل لاحظت تأييد المندوب السوري واللبناني في القاعة.. لماذا تزايد علينا اطراف فلسطينية؟.. قالت بداية: ابو مازن لن يذهب للامم المتحدة انه يناور وسيخضع للضغط، وقالوا: حتى لو ذهب فلن يتقدم بطلب، وحين قدمنا قالوا: هذا متفق عليه مع الاميركيين، وقالوا: حتى ما ذكره قال له الاميركيون ان يذكره.
صوروني وكأنني اخدع نفسي..لماذا هذه المواقف الجاهزة والحاقدة.. لا يريدون ان يقروا بالحقائق كما هي.. لآخر لحظة وهم يشككون وما زالوا واعتبروا ان ما عملته هو تكتيك، انهم يعيشون عقلية المؤامرة.. صدقني اننا نستطيع ان نفعل الكثير وان ننجز وان نتخطى الخطوط الاسرائيلية والاميركية وان يكون لنا موقفنا وان ننتصر لقضيتنا.. لماذا يريدون ان يلتقوا في مواقفهم مع نتنياهو ويستشهدون بمواقفه ويرجمونا بعباراته وهو الذي انكشف وسقطت حجته وعكس طبيعة تفكير حكومته التوسعية التي لا تكتفي بفلسطين التاريخية كلها..
تحدثت عن معاناة شعبي منذ النكبة وارادت المصادر الاسرائيلية ان تصور ذلك كما لو كنت اريد كل فلسطين حتى 1948 في عملية خلط للاوراق، انهم يكذبون ولا بد من ابطال كل حججهم.. العالم معنا واسرائيل والولايات المتحدة هم المحاصرون.. ان الاميركيين في كثير من مواقفهم اسوأ من الاسرائيليين كنت ادرك ذلك وكان علي ان اواصل كشف ذلك وقد تحدثت عن ذلك مع اوباما الذي لم يجد ما يرد به عليّ.. سوى تعبيرات جاهزة هي من تلقين اللوبيات الصهيونية التي كنت ايضا فضحتها في لقاءاتي مع تجمعات يهودية عديدة داخل الولايات المتحدة وخارجها تفاجأ بعضهم بمواقفنا وأدرك منهم من قال: «انه لا شريك للفلسطينيين في المفاوضات بعد أن كانوا يعتقدون انه لا شريك لاسرائيل نتاج التضليل الصهيوني الاميريكي المعادي..
سألته أسئلة كثيرة.. أهديته كتبي عن مدن فلسطين والأردن.. كان مرتاحاً ومبتسماً.. كان يدرك ان مكانته في شعبه قد تعاظمت.. انتظرت عودته الى رام الله لأرى كيف جرى استقباله واستحق منزلته..(الرأي)