سورية التي نريد

كان الشرق العربي دائما في عين العاصفة الاستعمارية, فهو اكثر المناطق حساسية لقلب العالم والجغرافيا السياسية الدولية, وكانت سورية في قلب هذه الجغرافيا وتمكنت في كل عهودها من تجاوز ازماتها المختلفة.
وبهذا المعنى, فان سورية التي نريدها محصنة منيعة, ومركزا من مراكز الامة والارادة الشعبية, هي سورية التي صمدت وتقدمت في ظروف لا تقل صعوبة عن الظروف الحالية, وكان ذلك بفضل الاعتبارات والمعطيات التالية:
1- الدافع خارج الاسوار كما بلورتها دمشق بعد سقوط القاهرة في المعسكر الامريكي -الصهيوني - النفطي في عهد السادات... ورأينا كيف صمدت دمشق بفضل هذه الاستراتيجية, وكيف دخلت في الازمة بعد الانكفاء داخل الاسوار في الانسحاب من لبنان, ورفع اليد عن المقاومة العراقية - واستبدال ورقة حزب العمال الكردستاني التركي بورقة اوهام الانفتاح الليبرالي على رجال الاعمال الاتراك.
2- الطابع الاقتصادي - الاجتماعي للدولة, وبصراحة اكثر, الدولة الشمولية, نعم, الدولة الشمولية - فهي التي اسست القطاع العام وحققت الاصلاح الزراعي وجعلت من سورية اقل الدول ديونا في العالم كله... ورأينا كيف صمدت سورية بفضل هذه السياسة, وكيف دخلت الازمة بعد اختراقها من جماعة البنك الدولي والبورصات العالمية وما يعرف بالفريق الليبرالي... والصفقات مع التجار على حساب المنتجين والفلاحين.
3- الدبلوماسية الشعبية, والانفتاح على قوى المعارضة في كل مكان وفتح الجامعات السورية مجانا امام عشرات الالاف من الطلبة العرب الذين شكلوا على الدوام درع سورية في العواصم العربية..
وعلى سورية ان تعيد فتح جامعاتها للعرب مجددا ومجانا بالالاف. فالجامعات السورية مناخات للتربية القومية وللذائقة الثقافية والمعرفية في وجه ثقافة السوق والعدمية والخطابات الاقليمية والطائفية الكريهة والاكاذيب الليبرالية.
4- بالاضافة لهذا المثلث (الدفاع خارج الاسوار لا داخلها - القطاع العام والاصلاح الزراعي - الدبلوماسية الشعبية مع العرب) ثمة بعد جديد هو البعد الديمقراطي الذي لا معنى له بعيدا عن المثلث المذكور ولا مناص منه لتعزيز هذا المثلث.(العرب اليوم)