عادوا فَعُدنا

حسب أحد المعلقين الاعزاء على ما نكتب انا وبقية الزملاء, فقد لاحظ انني انتقلت من الكتابة المتحفظة حول سورية الى اطلاق حملة ضد المعارضة ووهم المؤامرة - حسب تعبيره - ...
ولي ان اعترف هنا انني تخليت فعلا عن تحفظي السابق, وذلك لأكثر من سبب:- الاول: تراجع الحراك المدني الحقيقي, الاهلي السلمي من اجل سورية تعددية تحصنها الديمقراطية ضد المعسكر الامريكي - الفرنسي - الصهيوني- النفطي, لصالح مجاميع عسكرية تتراوح بين السلفية التكفيرية وبين مجاميع حدودية تعيش على تهريب الاسلحة والمخدرات وخلافه ...
الثاني: تزايد الحديث عن وضع سورية تحت الفصل السابع, اي التدخل العسكري باسم الحماية الدولية للمدنيين ...
الثالث: الدعوات الوقحة للامريكان وساركوزي والانجليز وغيرهم من قوى الشر العالمية لإنهاء النظام السوري بالتدخل العسكري, وتورط اوساط من المعارضة السورية في هذه الدعوات. تماما كما حدث مع العراق.
وجميعها اسباب سنقف ضدها أيا كان النظام الذي تستهدفه سواء كان في دمشق او في عمان. فما هو مدرج على قائمة الامريكان والفرنسيين والرأسمالية عموما, لم يعد نظاما بعينه بل دول بكاملها على قاعدة التمزيق والفوضى باسم الديمقراطية, أما السبب الرابع الذي لا يقل اهمية عن الاسباب السابقة, فهو مراجعة النظام السوري نفسه لمسألتين اساسيتين, هما:
1- الاختراق الليبرالي لسياساته الاقتصادية, وتأكيده مجددا للدور الاقتصادي - الاجتماعي للدولة وسيطرتها على الموارد الاساسية للبلاد ووقف مشاريع التخاصية واصدقاء البنك الدولي والكومبرادور عموما ...
واذا ما اخذ النظام الاردني مثلا سياسات مماثلة سنراجع موقفنا بالمقابل وسنغض الطرف عن بعض »العتبات المقدسة« من اجل ذلك.
2- اعادة الاعتبار لخطاب المقاومة وثقافتها وموقعها في كل تفاصيل الخيارات السياسية و الاقتصادية ونبذ الاوهام عن التسوية والتعايش مع الخطر الصهيوني.
وانطلاقا من ذلك يصبح الترحيب بالاصلاحات الديمقراطية أمرا مفروغا منه حيث لا معنى لها سواء كانت مناورة لامتصاص الازمة الداخلية والضغط الخارجي او كانت خطوة حقيقية, اذا جاءت من دون فتح المعركة مع الفريق الليبرالي الاقتصادي ومن دون مغادرة خطاب التسوية المزعومة, فهي حينئذ تصبح مدخلا لسورية كما يريدها الامريكان وجماعات النفط والبنك الدولي والصهاينة.(العرب اليوم)