توكّل وجائزة نوبل

حصلت "توكّل" المرأة اليمنية المجاهدة على جائزة نوبل العالمية للسلام, التي كانت إحدى قيادات الثورة اليمنية المجيدة, التي دخلت شهرها التاسع, وما زالت تحافظ على زخمها وقوتها, وصمودها الأسطوري العجيب, رغم القتل المستمر والاعتداء الآثم من زبانية النظام المستبد الفاسد.
"توكّل" عضو مجلس في قيادة الثورة, وعضو مجلس الشورى لحزب الإصلاح اليمني, كان لها دور مميز وبارز في الثبات على المبدأ, والثبات على الحقّ, وكانت مبدعة في تحريك جموع الشباب والفتيات, الذين يتوقون إلى الحريّة والكرامة, والذين يقتربون من إحداث النصر, وهزيمة علي عبد الله صالح.
إنّ حصول "توكّل" على هذه الجائزة العالمية رفيعة المستوى تمثل اعترافاً عالميّاً بأهميّة الثورات كلّها, واعترافاً عالميّاً بدور المرأة العربية في صنع ثورة الربيع العربي المجيدة وقيادتها.
وإنّ الأثر الرمزي والمعنوي لمنح هذه الجائزة لرمز من رموز ثورة الربيع العربي, كبير وكبير جداً, يتوازى مع أهميّة هذه الثورة وآثارها الواسعة والبعيدة المدى على المنطقة العربية وعلى العالم كلّه.
الثورة اليمنية كانت بحق ثورة كبيرة وحقيقية, تستحق التقدير العالمي بكلّ تأكيد, وهذه الأعداد الكبيرة التي ما زالت تخرج بعزم وإصرار واستمرار, تملأ الشوارع والميادين, بهذا الزخم الكبير شيء لافت وينتزع الإعجاب انتزاعاً.
والشيء المميز في هذه الثورة أنّها (سلميّة) بإصرار, رغم كل محاولات النظام الاستفزازية, ومحاولات النظام للاعتداء على رموز المعارضة, وقتل الشباب المتظاهرين بعنف وقوّة, ولكنّ الشعب اليمني الحكيم يصر على النهج السلمي وإلى النهاية, رغم أنّه شعب مسلح.
والشيء الأكثر تميزاً وإعجاباً, خروج المرأة اليمنية بهذا الحشد الكبير والمنظم والمؤثر الذي يوازي دور الرجل ويزيد, في شعبٍ قَبَليّ ومن أكثر الشعوب العربية محافظة, وتمسكاً بالأعراف والتقاليد, ممّا يعطي عدة مؤشرات يجب أن يفهمها الآخرون وخاصة المجتمع الغربي.
المرأة اليمنية لم يمنعها حجابها ولا نقابها, من ممارسة كل صنوف النشاط الإنساني الاجتماعي والإقتصادي والسياسي, ولا تخضع لقيود دينية أو قبليّة أو عرفية تمنعها من ممارسة العمل السياسي الصعب, والانخراط في المعارضة السياسية الثوريّة التي تسعى لإسقاط النظام السياسي, الذي يملك السلاح والقوة والحزب والمال.
إنّ جائزة نوبل للسلام, تشكل شهادة عالمية للأمّة العربية بأنّها أمّة حيّة تعيش ربيعها, وتقف على حافة مستقبل مشرق سوف يحمل بصمةً عربية واضحة, كما أنّها تمثل شهادة عالمية للمرأة العربية, بأنّها متعلمة ومتحررة ومتقدمة وسياسية بارعة, لها دورها الفاعل بلا سقوف ولا قيودٍ ما زالت قابعة في أذهان الجهلة, والمتواطئين مع الجهل من بعضهم.
إنّ هذه الجائزة العالمية تمثّل دافعاً لجموع الشباب العربي وجموع النساء أيضاً فضلاً عن الرجال, أن يواصلوا جهادهم المقدس, ضد المستبدين الطغاة, الذين سرقوا أموال الشعوب العربية, ونهبوا مقدراتها, وكتموا أنفاسها, وحرسوا فرقتها, وصنعوا ضعفها وهزائمها وأطالوا ليلها.(العرب اليوم)