حكومة اخرى

من المفهوم والمتوقع ان يستغرب البعض موقفا مبكرا او سلفا من حكومة جديدة, وذلك جريا على العادة القديمة »دعونا نرى, دعونا نراقب, اعطوا الرئيس الجديد فرصته« انطلاقا من انه قاض ومهتم بالشعر الكلاسيكي وليس متورطا في ملفات الفساد او مراكز القوى رغم ان البعض يحسبه على بعض الاوساط الاردنية المحافظة .. كما يرى آخرون انه ليس ما يضير في الرئيس موقعه الاستشاري خلال الاجواء التي سبقت ورافقت الاعلان عن معاهدة وادي عربه مع العدو الصهيوني.
وأضيف من ذاكرتي, انه ابن مدينة الزرقاء ومدارسها, وهي مدينة شعبية للغاية, ولعلي زاملته في احد هذه المدارس ..
وحتى لا نظلم هذا الرجل ونحمله ما لا يحتمل بعد اشهر قليلة, ويرحل او يستقيل بعد اداء مهامه المحددة »تحضير البلد للانتخابات البرلمانية« فليس بوسع احد ان يفعل شيئا داخل النهج العام والبُنية الاجتماعية والسياسية للدولة الاردنية ..
واذا كانت مهامه محددة, فذلك لا يقلل من الاخطار المحدقة خلف هذه المهام. فاهتمامه بمشاركة الحركة الاسلامية وملاحظاتها على قانون الانتخابات والتعديلات الدستورية ليس نابعا من قوة هذه الحركة في الشارع وحسب, بل من الدلالات والابعاد الاقليمية والدولية لها, فهي القوة الاساسية في المخيمات حيث يسعى الامريكيون والانجليز و»من دون حل حقيقي« الى تحريك المياه الراكدة في بحيرة التسوية ..
كما ان الحركة الاسلامية تتصدر المقاربات الاقليمية والدولية السياسية ازاء ملفات ساخنة مثل الملف السوري واستحقاقات ضم الاردن الى مجلس التعاون الخليجي.
ان كون الرئيس خارج مراكز القوى التقليدية ودراسته القانونية واهتمامه بالشعر الجاهلي لا يعني انه قادر على انتشال الزير من البير وصياغة توافق مع الاسلاميين من دون التورط في الاستحقاقات المذكورة.
لكل ذلك وحيث اخذ الرئيس قراره بتحمل هذه المسؤولية, فالقوى السياسية ليست مضطرة لهذه التجربة, وليس على الحراك الشعبي ان يتوقع الكثير ويوقف احتجاجاته من اجل سمك في بحر, او المشاركة في تدوير الازمة وامتصاصها من دون اي تقدم حقيقي في ملفات الفساد التي تعني الناس اكثر من الاصلاح وغيره ...(العرب اليوم)