لماذا يراد إفشال عباس ؟

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يمثل خيار السلام، أصبح مستهدفاً من أميركا وإسرائيل لأسباب لا تخفى على أحد، فهو مصدر إحراج لإسرائيل التي كانت تتذرع بعـدم وجود شريك فلسطيني يريد السـلام، وهو مصدر إحراج لأميركا لأنه تمرد على طلبها بعدم التقـدم إلى الأمم المتحدة بطلب عضوية كاملة للدولة الفلسـطينية، ولأن طلبه يضطر أميركا لاتخاذ إجـراءات معادية للقضية الفلسـطينية مثل استخدام حـق الفيتو ضد إرادة العرب والعالم، والتهديد بقطع الدعـم المالي عن اليونسكو إذا قبلت عضوية السـلطة الفلسطينية، وأخيراً وقف المنحة السنوية للسلطة البالغة 200 مليون دولار. وهي إجراءات من شأنها نسف جميع الجهـود التي بذلهـا الرئيس الأميركي باراك أوباما لكسـب عقول وقلوب العرب، وتجنيدهم إلى جانبه في الحرب على الإرهاب.
تحت هـذه الاعتبارات قـدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهـو تنازلاً لصالح حماس في صفقة تبـادل الأسرى بقصد تقويـة حماس في مواجهة عباس وسلطته الفلسـطينية، كما أن الضغوطات مستمرة لتبني رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بتدبير مركـز عمليات له ، وكل ذلك لتتقدم حماس على حسـاب السلطة الفلسطينية طالما أنها تريد التمرد على الإرادة الأميركية والحصول على عضوية هيئـة الأمم المتحـدة، وهي العضوية التي تعطـي السلطة حق اتهـام إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية والمحكمـة الجنائية الدولية فيما يتعلق بالاحتلال والحصار والاعتقـالات والاستيطان وغير ذلك مما يعتبر من جرائـم الحرب، فضلاً عن كونـه يمثل خرقاً فاضحـاً للقانون الدولي والقانون الإنساني.
عباس، وبيده خيار السـلام واعتراف وتعاطف العالم، أكثر خطراً على إسرائيل من حماس المصنفة كمنظمة إسـلامية إرهابية، غير مقبولة في المجتمع الدولي، ذلك أن غصن الزيتـون الذي حمله عباس أمام الأمـم المتحدة أخطر على إسـرائيل من الصواريخ العشوائية وغير المؤثرة التي تطلق على صحراء النقـب.
في هذا السياق، لا بد من الإشـارة إلى محاولات إسقاط رئيس حكومة السلطة سلام فياض، بالرغم من كفاءته ونزاهته، لسـبب معروف وهو عملـه على بناء مؤسسات الدولة الفلسـطينية بحيث يصبح إعلان الدولـة تحصيل حاصل، قابلاً للتطبيـق الفـوري على الأرض وليس مجـرد قرار على الورق.
(الرأي)