من يحمي الديكتاتور؟

ما زال الرئيس اليمني "المحروق" يحظى بشبكة أمان إقليمية ودولية، تمكنه من مواصلة "اللف والدوران" – بالإذن من رئيس الوزراء القطري – والاستمرار في قتل مواطنيه وتدمير بلاده، بلا شفقة ولا رحمة...أما الذين يبدون حماسة ظاهرة في "مقارعة" النظام السوري والضغط عليه، فنراهم يلوذون بصمت القبور حين يتعلق الأمر بجرائم علي عبدالله صالح وارتكاباته.
للغرب في منطقتنا أربع مصالح حيوية، من دون وضع الأصبع عليها، تصعب قراءة استراتيجياته وسياساته ومواقفه: النفط، إسرائيل، محاربة الإرهاب ومكافحة الهجرة... ومن تتبع مواقف الغرب ورصد فوراقها ومفارقاتها، لا بد يدرك، كم هو عميق أثر "مربع المصالح" هذا في رسم السياسات وصوغ الاستراتيجيات وبناء التحالفات، وتحديد وجهة البوصلة وتقرير اتجاهات مؤشرها.
في ليبيا، كان "رائحة النفط" النفّاذة، هي المحرك الرئيس "للحمأة" الغربية على الإصلاح، وهي الوقود الذي حرك الطائرات والأساطيل واخرجها من سبات شبه عميق.... في سوريا، تحتل قضية "أمن إسرائيل" مكان الموّجه للسياسات والتحالفات...ومن قبل كانت قضية "الهجرة" واحدة من "محركات البحث" الغربي عن موطئ قدم في الثورة التونسية... ومن بعد، فإن محاربة الإرهاب، هي "القول الفصل" في تقرير مصير علي عبدالله صالح ونظامه.
تباين الأولويات بين أوروبا وأمريكا وتفاوت المصالح، أفضى إلى تفاوت الحماسة وتباين الأدوار واختلاف منسوب التورط...في تونس، تلعب فرنسا دوراً متقدماً، باعتبار أن قضية "الهجرة" واحدة من أبرز تحديات علاقاتها بالجنوب...وفي ليبيا، لعبت أوروبا، تحت مظلة "الناتو" دور رأس الحربة في الحرب على القذافي، وهذه المرة سعياً وراء عقود النفط وإعادة الإعمار والتسليح...أما في اليمن، فنجد دوراً أوروبياً خفيضاً، لصالح دور أمريكي، تحوّل مع الأيام، إلى "لاعب محلي" في الأزمة اليمنية....أما في سوريا، فإن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اهتمام متماثل، طالما أن إسرائيل، هي الموضوع، وطالما أن صون أمنها وكفالة تفوقها، هما الهدف الأول والثاني.
في المقابل، تبدو "الثورة العربية" في حالة اشتباك مع مختلف ساحات "الربيع العربي" وميادينه...همّ قواها المحركة، الأول والأخير، قطع الطريق على الثورة ومنع تمددها...لا صلة لها بالنفط وإسرائيل، ولا بالهجرة أو الإرهاب...الثورة المضادة العربية، تبدو اليوم في حالة اشتباك متعدد الجبهات...المهم أن لا يكون هناك تغيير أو إصلاح جذري، لأن حدوث أمر من هذا النوع، سوف يضع هذه الأنظمة في أشد خانات الحرج والعنت.
الثورة المضادة هدفها الحيلولة دون تمكين الشعوب العربية من إنجاز "تحوّل هائل" في مجرى الأحداث والتطورات...المهم منع قطار التغيير من الانتقال من محطة إلى أخرى، الولايات المتحدة اكتفت وزيرة خارجيتها بالتقاط الصور التذكارية مع الناشطة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بيد أنها رفضت جملة وتفصيلاً، المطالب الأكثر إلحاحاً التي حملتها كرمان على أكتافها، في ميدان التغيير، وفي ساحة البيت الأبيض.
ما يجري في اليمن لا يقل بشاعة ودموية عمّا يجري في سوريا...لكن لا الجامعة العربية ولا المجتمع الدولي، يولي ذات الأهمية للأزمتين، أو يتصرف بذات الطريقة مع النظامين.(الدستور)