سورية.. حين يكون الوطن على حد السكين!

أستغرب أن يسمح القادة ان تكون اوطانهم على حد السكين حين يقدمون مصالحهم الشخصية واستمرار تشبثهم بامتيازاتهم على المصلحة الوطنية للوطن وسلامته..
وما زلت أذكر ونحن نبكي لما حدث من فجيعة اصابتنا بهزيمة حزيران عام 1967 حين كان تعليق راديو سوريا المستمر «المهم بقاء النظام الوطني في سوريا.. كان ضياع جزء من الوطن في الجولان هو الأسهل.. وكان المهم بقاء النظام».. »لأن النظام هو الوطن والوطن هو النظام» هكذا عشنا ورأينا ذلك في أكثر من نموذج عربي وما زلنا نعيشه لليوم..
هناك قادة يضحون من أجل اوطانهم.. وهناك اوطان يُضحى بها من أجل أنظمة واشخاص وهذا النوع الأخير كثير منه في عالمنا العربي.. أما النوع الأول فقليل ونادر.. وليس موجوداً الان..
أذكر حين وقع قتل الفتيات الاسرائيليات في حادث الباقورة على يد الجندي الدقامسة.. قدرة الملك الراحل على التحرك السريع.. فقد قطع زيارته من الخارج وعاد بسرعة ليركب طائرة هليوكبتر نزلت به في طبريا ومن هناك توجه الى موقع اسمه «بيت شيمش» قريب من بيت لحم حيث دخل على الامهات الاسرائيليات اللواتي قتلت بناتهن اثناء الرحلة المدرسية في منطقة الباقورة.. وحين خرج علق قائلاً «مسدسي خذلني»..
في نفس اليوم كان مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر الذي كان فيه ايهود باراك الحالي رئيساً للأركان في الجيش الاسرائيلي قد اتخذ قراراً للرد بتوجيه الجيش الاسرائيلي الى اربد والدخول اليها.. كان الملك يدرك ذلك وكان عليه أن يقطع الطريق على العدوان الطارىء على بلده..
كان امام خيارين صعبين.. إما ان يذهب بنفسه ليسجل موقفاً انسانياً قل نظيره.. ويفتدي به عدواناُ جرى التخطيط له على عجل على بلده.. وإما ان يتمسك بكبريائه الشخصي ويتوقف عن الذهاب او حتى عن اداء العزاء حيث ذهب الملك ليجالس نساء يهوديات متوشحات بملابس العزاء!
قليلون من يعملون هكذا ويدركون معنى ان تحمى اوطانهم بقطع العدوان المدبر عنهم.. وكثيرون بالمقابل من القادة من تأخذهم العزة بالاثم وبالكراسي فيضحون بالأوطان وقد رأينا ذلك في احتلال العراق.. وفي سقوط النظام الليبي حين أراد العقيد المقتول من الشعب الليبي ان يُعرف على نفسه بقوله «من أنتم» ؟! وغير ذلك من صفات نعرفها وكانت النتيجة ما عرفناها..
اليوم الأسد.. بشار يضع سوريا على حد السكين كما قال اوردغان ويعرض مصالحها الوطنية واستقرارها وأمنها ووحدتها الوطنية والترابية على حد السكين لدرجة اضطر معها الملك عبد الله الثاني للقول في مقابلته لاذاعة الـ «بي بي سي» والتي اجتزأت وقرأت بصورة مختلفة (لو كنت مكانه لتنحيت) بعد أن دافع عن الاسد وطالبه بالاهتمام بمن سيكون قادراً على انقاذ سوريا بدل الامعان في ترك من يريدون اغراقها في الدم من مواصلة عملهم..
نفس الحالة يرتكبها الرئيس اليمني الان.. وفي تاريخنا المعاصر لم يتنح عن القيادة الا سوار الذهب السوداني الذي ربما اتهمه القادة العرب والسودانيون من بعده بالهبل!!
عدم وضع الاوطان على حد السكين يستلزم الشجاعة والتضحية وليس الدكتاتورية وتقديم المصالح الشخصية.. أترك الصورة للمقارنة وأترحم على الحسين الذي أودع كبرياءه للتاريخ ليحفظها الله حتى يبقى بلده سليماً!!
(الرأي)