مخاطر العجز والمديونية

التوسع غير المنضبط في المديونية الناشـئة عن عجز الموازنة العامة خطر يهـدد ليس مصير الحكومات فقط بل اسـتقلال وسيادة الدول أيضاً.
في اليونان أدت المديونية الكبيرة إلى إسقاط حكومة باباندريـو الذي قاد بلاده إلى الهاوية. واستدعت اليونان مواطنها نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لتشكيل حكومة إصلاح أو إنقـاذ ، نتمنى لها النجاح في هذه المهمة الصعبة.
وفي إيطاليا أدى تفاقـم المديونية إلى إسقاط حكومة برلسكوني واختيار رئيس جديد لحكومة طوارئ تنفـذ خطة إصلاح مالي ضمن خطة تقشـف غير شـعبية اضطر ممثلو الشعب الإيطالي إلى إقـرارها. نتمنى له النجاح أيضاً.
بالرغم من تمنياتنا ، فالأرجـح أن الأوضاع المالية في البلدين تجاوزت الخطوط الحمراء ، ولم تعد قابلـة للإًصلاح ، وكانت البداية مطالبـة البنوك الأوروبية بشـطب نصف ديونها على اليونان ، الأمـر الذي يعني التعامل معها كدولة مفلسـة.
تضعضع الوضع المالي لأية دولة يؤدي لارتفاع سـعر الفائـدة على سنداتها ، وقد ارتفع هذا السعر في اليونان إلى أكثر من 10% ، ووصل في إيطاليا إلى 7% ، مع أن سعر الفائـدة على اليورو بين البنوك 5ر1% ، وما زاد عن ذلك يمثل عنصر المخاطرة.
في الأردن لم نقطـع خطوطاً حمـراء ، وما زال الوضع المالـي قابلاً للإصلاح ، ويمكن إدارته بالاتجـاه الصحيح بدلاً من اسـتمرار التدهـور ، فهل تعـي الحكومة الجديدة خطـورة الموقف. وهل تنوي أن تتحرك كما يفرض عليها الواقع.
اسـتدعاء محافظ بنك مركزي سابق لتسـلم وزارة المالية له مغزى ، فالسلوك المصرفي متحفظ بطبيعتـه ، ولا يحب المجازفة وسياسة حافة الهاوية ، فهل ينجح الدكتور أميـة طوقان في تغيير المسار الانحـداري في الموازنة العامة وأوضاع الخزينة أم أن تلك الأوضاع سـوف تستوعبه فينتقـل كغيره إلى التبرير والاعتذار وتزيين النافـذة.
مشـروع الموازنة العامة لسنة 2012 الذي لم ينته إعداده ولم ُينشر بعد سيعطي أول إشـارة على الاتجاه العام ، فإما أن هناك توجهاً جـديداً لتخفيض النفقات الجارية الناشئة عن شـمولية الدعم من جهة وترهل الجهاز الرسـمي من جهة أخـرى ، وإما أن يقال ليس في الإمكان أبـدع مما كان ، وعلينا أن ننتظـر كرم المانحين لإقالتنا من العثرة التي أوقعنا أنفسـنا فيها.
إذا وجـدت نفسـك في حفـرة فتوقف عن الحفـر.
(الرأي)