العقيد ابو شهاب

لا اقصد سامر المصري في المسلسل السوري "باب الحارة" بل العقيد الحقيقي محمد سعيد شهاب "محمد سعيد العاص" الذي كان يعرف تارة بـ"ابو شهاب" واخرى بـ"ابو سعاد" ابنته الوحيدة.
وقد تذكرت هذه الشخصية السورية المهمة بعد ان قرأت ما كتبه الصديق الروائي والمسرحي هزاع البراري.
وقبل ان نتوقف ونتمعن في دلالات هذه الشخصية, لا بد من استذكار المحطات التالية في حياته:
1- من حماة حيث ولد 1889 الى دمشق حيث انهى دراسته الثانوية الى اسطنبول حيث تخرج ضابطا من الكلية الحربية فيها الى فلسطين حيث استشهد.
2- انخراطه في كل الحروب التي شهدتها المنطقة, بين البلقان والشرق العربي, من ضابط في الجيش العثماني الى ضابط في امن امارة شرق الاردن.
3- اشتراكه في كل الثورات العربية ضد العثمانيين ثم ضد الفرنسيين خلال الثورة السورية, ثم ضد الانجليز والعصابات اليهودية خلال الثورة الفلسطينية في الثلاثينيات.
4- اعتقاله من قبل العثمانيين ثم من قبل الفرنسيين وملاحقته من قبل الانجليز.. اما الدلالات التي يمكن استخلاصها من هذه الشخصية الفذة, فابرزها وحدة المنطقة والشعب والتاريخ والكفاح الذي جعل مؤسس الحزب السوري القومي, انطون سعادة, يعتبر العقيد محمد العاص تجسيدا كفاحيا لوحدة بلاد الشام والعراق ومصيرها وكفاحها ضد موجات الغزو والاستعمار المتتالية.. فلا تستقيم هذه الوحدة الا بالمقاومة وثقافتها وخطابها.
وحيث افتقدت بلدان الهلال الخصيب لشروط الاتحاد القومي التقليدية كما عرفتها اوروبا ودولة السوق القومي البرجوازية, فقد كان الكفاح ضد الغزاة الاجانب والعصابات اليهودية الغازية هو الرافعة الاساسية لوحدة بلاد الشام والعراق, الامر الذي يفسر اصرار هؤلاء الغزاة دائما على اغلاق ملف المقاومة وثقافتها وعدم الاكتراث كثيرا بأي خطاب قطري كياني مناهض للمقاومة حتى لو كان يساريا وحتى لو اشبع البلاد والعباد كلاما صغيرا او كبيرا حول فك التبعية طالما ان ذلك مستحيل تحقيقه في النطاق القطري..
اليوم, ومع تآكل الدولة القطرية وافولها, نعود الى ايام العقيد ابو شهاب والى انفتاحها على جغرافيا واحدة كما كانت وكما هي اصلا وكما ينبغي ان تكون جغرافيا الهلال الخصيب وسر قوته ووجوده ووحدته, المقاومة ضد الغزاة واعوانهم.. من البلقان الى الشرق العربي.
(العرب اليوم)