عميان ومغفلون ومستخدمون

لا نقاش ولا خلاف على ضرورة الثورة ضد انظمة الاستبداد والفساد والتبعية, ولم يعد هناك ادنى شك بان الدولة القطرية الفاسدة المستبدة صارت وراء ظهرنا وان العرب دخلوا زمنا جديدا يستحق ويحتاج الى المزيد من الثبات والكفاح.. بيد ان ليس كل ما يلمع ذهبا وتساعد البنى المتخلفة وليس الانظمة, وحسب, على ادامة المرحلة الانتقالية الشائكة والعسيرة, فحركة الشعوب والمجتمعات المدنية الناجزة وقواها المختلفة غير حركة المجاميع والجمهور والاهالي الذين لم يندمجوا بعد في تشكيلات اجتماعية حديثة..
وذا دققنا جيدا فيما يجري اليوم من حراك شعبي لوجدنا جماهير غاضبة على الفساد والاستبداد اكثر منها طبقات ثائرة, والفرق كبير بين الحالتين, اضافة الى سيطرة ثقافة الثارات والكراهية القابلة للازاحة في اتجاهات مختلفة من النظام الى طوائف وجهات اخرى.. والفرق كبير بين الكراهية وثقافة الصراع وقواه وقوانينه وفنونه..
في ظل البنى الاجتماعية المشوهة للدولة القطرية والهويات الكيانية المريضة التي تسوق كثقافات وهويات وطنية (محلية) فان القوى المنظمة والممولة تلعب دورا مؤثرا, وهي حتى اليوم اما قوى من نمط الاسلام السياسي التي تسعى للشراكة مع القوى الدولية المعروفة واما جماعات التمويل الاجنبي من مراكز الدراسات الخاصة والجماعات التي يتم تسويقها كجماعات مهتمة بحقوق الانسان وحرية الصحافة وغيرها, وغالبيتها مرتبطة بدوائر امريكية واوروبية معروفة.. وبالمحصلة فنحن امام (النماذج) التالية في الحراك الشعبي العربي:
1- جماعات اسلامية منظمة في اطار صفقات اقليمية ودولية لوراثة الانظمة الحالية بما لا يمس المصالح الكبرى للقوى العالمية (اقتصاد السوق والنفط والغاز) والاعلان عن هدنة طويلة مع العدو الصهيوني.
2- نشطاء وجماعات التمويل الاجنبي المذكورة والتي تنحصر مهماتها في الترويج لافكار ومشاريع محددة وفي اسقاط النخب الثقافية والسياسية لصالح الدوائر العالمية المعروفة.
3- انتهازيون يلتحقون بجماعات الاسلام السياسي لغايات انتخابية او سياسية محددة.
4- قوى عمياء غاضبة تندفع الى الشوارع من دون برامج وقيادات مستقلة فاعلة وحقيقية, وتوظف من حيث لا تدري في حراك القوى المنظمة وبرامجها.
5- قوى برسم الاستخدام والتوظيف اما مقابل تسهيلات او مزايا تكتيكة واما من باب الاوهام عن دور قادم.
6- قوى تدرك كل ما سبق ولديها تصورات راديكالية وتؤمن بالتراكم ومراقبة كرة الثلج وتوظيفها حسب اللحظة السياسية فلا تنام في بيوتها وترى في كل ما يجري مؤامرة وكفى الله المؤمنين شر القتال ولا تضحك على الناس وتبشرهم بثورة كبرى بين ليلة وضحاها.
(العرب اليوم)