متطلبات ما بعد الجراحة !!

تم نشره الإثنين 12 كانون الأوّل / ديسمبر 2011 02:23 صباحاً
متطلبات ما بعد الجراحة !!
خيري منصور

المدينة نيوز - من النوادر الطبية ذات المغزى العميق ان العملية الجراحية التي اجريت للمريض نجحت لكن المريض مات.. ونعرف رغم جهلنا بمهنة الطب ان هناك أعراضاً جانبية أو اختلاطات لبعض الجراحات قد تؤدي الى هلاك المريض، وهذا ليس بعيداً عن السياسة وبالتحديد عن الثورات والانتفاضات وما شئتم من التسميات.. فاثناء المخاض والحراك ينهمك الجميع في انجاز التغيير، ويكون كل شيء مؤجلاً سواء تعلق بالاقتصاد أو الجامعات أو اي مجال آخر، لكن ما ان يأتي المولود ذكراً كان أم أنثى حتى يبدأ الناس من أول سطر آخر بحيث يبدأون باحصاء الغنائم والخسائر والبطالة وما كان مؤجلاً..

العرب جميعهم تابعوا بشغف وشيء من الحذر وكثير من التفاؤل ما كان يجري في اكثر من بلد عربي، ومنهم من انقطعوا الى مشاهدة الفضائيات على مدار اللحظة وليس الساعة فقط، لكن سرعان ما هدأوا وبدأوا يشعرون بما سماه أحد الشعراء فراغ ايام الجنود العائدين من القتال..

ماذا عن الاقتصاد؟ خصوصاً في دول موشكة على الافلاس تبعاً لتصريحات من ناشطين ونخب؟ وماذا عن البطالة وتوابعها؟ وماذا عن العرض الجانبي الذي سُمّي البلطجية أو لصوص الفوضى الذين يبحثون عن ظلام يستطيل كي تستطيل أيديهم فيه؟

ان البديل المفترض لغياب زعماء وقادة حراك بالمفهوم التقليدي هو الرؤى والبوصلة الوطنية، لكن اذا غابت هذه البدائل فإن النتيجة الحتمية هي الفوضى, والاستمرار في متوالية التفكيك خصوصاً ما يتعلق بالدولة ومؤسساتها، لكن المثال العربي استثنائي بامتياز خصوصاً بعد ان توهم الناس بأن الدولة والنظام هما دائرتان متطابقتا المحيطين، ولهما مركز واحد، وسقوط النظام يعني بالضرورة سقوط الدولة.. وهذا النمط من الثقافة العوراء هو من افراز نظم شمولية لو استطاعت لزعمت ان التاريخ بدأ بها وانه سوف ينتهي بها أيضا فمن أجلها فقط تشرق الشمس ويورق الشجر ويسقط المطر.

 

ان اهمال المولود حتى لو كان معافى وابن تسعة اشهر بعد خروجه من الرحم قد يؤدي الى خسارته.

والثورات كمنجز تاريخي وثقافي واجتماعي لا تعيش وتنمو بمفردها ولا يقال لها اذهبي انت وربك فقاتلا انّا هنا قاعدون، ما نخشاه هو ما يعقب اي حراك من انتكاسات واية عملية جراحية من دمج واختلاطات، لان الثورة في العالم كله ليست هدفاً لذاتها وأهم ما فيها هو ما سوف تفرزه وينتج عنها من اخصاب بعد يباب ومن عدل بعد طغيان ومن تداول هادىء وسلمي للسلطة بعد عقود من الاحتكار والاستحواذ..

ما حدث ويحدث وسوف يحدث ايضاً في واقعنا العربي المحتقن ليس مباريات تنتهي باعلان فوز فريق على فريق، ثم يسدل الستار بانتظار مباراة قادمة..

اذكر ان عشرات الملايين من العرب كانت عيونهم توشك ان تلتصق بالشاشات اثناء حرب العراق او اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان وغزة، لكنهم ينصرفون بسرعة البرق، فالخبر العراقي لم يختلف من حيث الدم والانتهاك وتوغل هذا البلد العريق في الغياب، لكن التعامل مع اخباره هو الذي اختلف فقد خفت ثم تضاءل ثم أصبح من المألوف اليومي بحيث لا يوجد فرق بين عدد من يُقتلون في العراق ودرجة الحرارة أو البرودة في النشرة الجوية..

لهذا نقول بأمانة لكل من زغردوا لنجاح العملية، ان المريض ما يزال في خطر، فتبرعوا له بالدم ووفروا له ما يحتاج من الجلوكوز والعناية.(الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات