العبث بالممتلكات العامة.. إلى متى؟

المدينة نيوز - أعمال عنف، مداهمة مصانع واغلاقها وطرد العمال، هدم أسيجة ودخول على أراض وبيوت بحجة انها اقيمت على واجهات عشائرية كما حول جامعة العلوم والتكنولوجيا ومنع اصحاب صناعة وعمال من الوصول الى مصانعهم كما في مدينة سحاب وقطع طرق جنوب المطار قبل ثلاثة أسابيع وحرق عجلات الكاوتشوك أمام عيون الشرطة ورجال الامن كما نقلت فضائية الجزيرة..وأخيراً اغلاق طريق القطرانة الدولي..أليست هذه مظاهر عصيان مدني والا ماذا نسميها حين تتوسع ولا تجد من يردها أو يمنعها أو يضع حداً لها..
حين قرأت خبراً في الرأي وأنا على الطائرة المتوجهة الى أبو ظبي «اشتباكات لليوم الثالث على التوالي في جامعة البلقاء التطبيقية» ونفضت الجريدة من يدي لاعيدها الى جيب الكرسي الذي أمامي..لاحظ جاري في المقعد انفعالي وقال: «ما الذي يجري في بلدكم؟..هل هي حرب أهلية؟» نظرت اليه مستغرباً وصفه ولم أجد لغة أشرح ما يجري فصمت وقلت: «أمور سهلة في طريقها للحل»!!.
ما زالت مثل هذه الاعمال التي لا ينفع فيها استمرار الشجب والاستنكار لأن ذلك كالذي يشبع الفاعلين نقداً ويدمرون المصالح العامة..وانما لا بد من الوقوف على هذه الظواهر ومعالجتها بسرعة في بعدين، أولاً البعد الأمني بوقفها فالدولة الديموقراطية لا تسمح بتجاوز القانون أيا كان الفاعل والدولة التي تسكت على تجاوز القانون انما تريد الاستمالة والتسكيت والشراء لأمر في نفوس البعض ولا يعني الكل..
لتتوقف هذه الظواهر بالامن الذي علينا ان نمكنه ولا نجعل الشرطي مرعوباً وكأنه يمارس عملاً على مسؤوليته الشخصية حين لا يجد حماية..
لماذا لا تسمى الاشياء بأسمائها ويكشف عن أسماء الزعران وانتماءاتهم والجهات التي تقف وراءهم حتى لا يظهروا وكأنهم من أهل الحراك أو انهم مناضلون من اجل مطالب عادلة في حين ان اعدادا كبيرة من هؤلاء الذين يغلقون الطرق ويحرقون المكاتب والممتلكات العامة من ذوي الاسباقيات ومن لهم قيود أمنية وملفات ومن المطلوبين..مثل هذه الممارسات لن تغري أحدا بالاستثمار أو القدوم الى بلدنا، ولن يبقى الاردن قادراً على تقديم نفسه على أنه واحة أمن واستقرار وهذه الصفة هي رأسمال الاردن الذي ظل دائماً يصنعه في رصيده ويتباهى به أمام نفسه والعالم..
ماذا يبقى لنا ان عمت الفوضى وتزايدت، وضربت المصالح العامة ولم يعد الأمن هو السلعة الأولى..ليس لدينا بدائل تغطي فنحن لسنا دولة نفطية والذي يريدون تحسين اوضاعهم المعيشية وزيادة اجورهم وتوفير فرص عمل بهذه الطرق الابتزازية والمدمرة كيف يصلون الى ذلك؟ كيف تتوفر فرص عمل والعمال يطردون من مصانعهم، والمصانع تغلق بالجنازير واشعال الحرائق..وكيف تتوفر فرص عمل والطرق الرئيسة تسد والنقل يتعطل والكلف الاقتصادية تزداد وتضطر الدولة الى اصلاح الطرق وترميم الممتلكات رغم عجز الموازنة والحاجة الى كل قرش ينفق..
إلى متى ستظل هذه الحالة فالرسائل من الحراك وصلت وهناك أصحاب مطالب عادلة يمكن فرزهم وهناك عناصر مبتزة ومخربة هي الأعلى صوتاً وللأسف فإن الاستجابة الحكومية تكون للفئة الثانية التي يزداد عنفها كلما سددت الحكومة لها فواتير اضافية..
ثمة أجندات خارجية وداخلية تعمل على تخريب واقعنا الاقتصادي والاجتماعي ومن يتهمني بالمبالغة في ذلك عليه أن يقدم ما يقنع، إن الذين يحرقون بلدهم انما يفعلون لاسباب وطنية !( الراي)