الجزائر.. ما بعد التاسع من نيسان!!

تم نشره الأربعاء 08 نيسان / أبريل 2009 12:20 مساءً
محمد خروب

ثمة ما يمكن رصده في المشهد الجزائري الراهن، الذي سيكون عرضة للتغيير اعتباراً من مساء يوم غد الخميس، حيث ستظهر نتائج الانتخابات الرئاسية، التي تؤشر المعطيات الميدانية الى انها ستكون لصالح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، الذي مضى على وجوده في الحكم عشر سنوات، ولم تعد أمامه أي عقبات للترشح لفترات أخرى (اذ مدّ الله في عمره)، بعد أن تم تعديل الدستور وغابت الفقرة التي تحصر مدة البقاء في منصب الرئيس لفترتين متعاقبتين.

 

وجود ستة مرشحين (بمن فيهم الرئيس) يمنح المعركة بعداً مختلفاً، بعد أن واصلت ظاهرة الاستفتاءات والترشيحات المنفردة حضورها في المشهد العربي، ولم تعد تثير حماسة جماهيرية أو تؤخذ بجدية في الدوائر السياسية والدبلوماسية الاقليمية والدولية، ونادراً ما وصف رئيس عربي بالمنتخب في عواصم القرار الدولي لأنها لم تر فيها شفافية أو صدقية أو منافسة حقيقية تحيل الى استناد هذا الرئيس أو ذاك الى قاعدة جماهيرية عريضة، اختارت أن تذهب الى الصناديق بحرية ودفعتها جدية البرامج وتنافس الاحزاب الى الاختيار بينهم.

 

من هنا، يمكن الوقوف أمام المعاني الني انطوت عليها خطابات الرئيس الجزائري الانتخابية ، وقوله الصريح أنه لا يطمح الى تجديد رئاسته (الذي يبدو واثقاً من فوزه)، بقدر ما يريد فوزاً كاسحاً (...) مهدداً بالذهاب الى بيته في حال لم يكن الفوز يحمل تلك الصفة.. وعندما بادرته نساء المهرجان الانتخابي بالزغاريد قال بحماسة: زغردي زغردي!!.

 

هل بمقدور بوتفليقة أن يحقق امانيه؟.

 

اذا واصلت التحليلات والترجيحات (حيث تغيب استطلاعات الرأي المصداقة)، ابداء مخاوفها من تدني نسبة المشاركة في التصويت بعد أن أعلن حزب سعيد سعدي (التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية) مقاطعته للانتخابات وقام برفع العلم الاسود على مقره وشن حملات تحريض داخلية وخارجية ضد الرئيس بوتفليقة متهماً اياه بالفشل قائلاً ان ليس هناك سبب لبقائه في السلطة، فإن الامور ستأخذ ابعاداً اخرى وتلقي بظلالها ليس فقط على مستقبل العملية الديمقراطية في الجزائر، وإنما في مدى التفويض الشعبي الذي يمنح الرئيس الفائز فرصة أو مجالاً لإحداث تغييرات عميقة في بنية المجتمع الجزائري السياسية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخصوصاً التشريعية لجهة مَرْكَزَة القرار في مؤسسة الرئاسة ومنحها صلاحيات واسعة لحل البرلمان (اقتراح لم ينجح في البرلمان) وتقليص صلاحيات الوزير الاول (رئيس الوزراء) وهو أمر حدث.

 

جدول الاعمال الوطني الجزائري مزدحم ومعقد والعقدان الاخيران تركا بصمتيهما على المشهد الجزائري، وكان لكل احداثهما ووقائعهما اثار عميقة وبنيوية على المجتمع الجزائري، ومن السذاجة الاعتقاد ان اعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة أو قدوم رئيس آخر تفرزه صناديق الاقتراع (وهو امر غير مرجح وفق المعطيات الميدانية)، يمكن أن تحل مشكلات الجزائر العديدة أو أن تأخذ البلاد الى اجواء مغايرة لحال الاحتقان والازمات التي خلفتها سنوات الارهاب والقتل والفوضى والصراع الطويل، الذي أخذ اشكالاً عديدة بين المؤسسة العسكرية والاحزاب السياسية، والتحولات التي طرأت لاحقاً بنجاح بوتفليقة في الحد من دور الجنرالات في تحديد الاولويات الوطنية، رغم أنهم الذين جاءوا به (أو لجأوا اليه) لإخراج البلاد من الأزمة الخطيرة التي وصلتها البلاد وقتذاك ، وبات واضحاً أن الذهاب بعيداً في الخيار العسكري للقضاء على ارهاب الجماعات الاسلامية المتشددة سيعني الانهيار الشامل، ما حدّ من تأثير دور الاستئصاليين الذين لم يحسنوا التعامل مع قضايا الارهاب... جذوره، و ثقافته واقتصرت مقارباتهم على القوة، وإن لم تنجح فبمزيد من القوة، وهو ما ثبت فشله..

 

صحيح أن الرئيس الجزائري (المرشح الحالي) نجح في السنوات العشر التي انقضت على وجوده في السلطة، في استعادة اجواء الأمن والاستقرار النسبي في البلاد، وأوقع الجماعات المسلحة في الانقسام والانشقاقات والتصدع، وأسهم في اعادة تركيب المشهد السياسي والحزبي، وأبقى جبهة التحرير الوطني في الواجهة، ولكن دون أن تكون حزب السلطة الوحيد كما كانت طوال ثلاثة عقود على الاستقلال، إلا أنه صحيح ايضاً أن الجزائر ما تزال في حاجة الى برامج عديدة تحدد اتجاه البوصلة وتضع البلاد في اجواء سياسية وحزبية، اجتماعية واقتصادية جادة وديمقراطية وتفتح فضاء التنمية والحريات العامة على اتساعه، وهي أمور لم يتردد المرشحون الستة بمن فيهم المرشحة اليسارية لويزا حنون عن طرحه.. لكن العبرة بالتنفيذ وهو ما ينتظره الجزائريون بشغف.

 

 

 

Kharroub@jpf.com.jo

 

محمد خرّوب



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات