خطوة عربية مباركة
تم نشره الأحد 12 نيسان / أبريل 2009 12:05 مساءً
صالح القلاب
يحزُّ في النفس ألاَّ يكون المغرب العربي مشاركاً وممثلاً في هذا التحرك الذي بدأه وزراء خارجية الدول العربية ومعهم الأمين العام عمرو موسى الذين التقوا أمس في عمان والذي إنْ هو أُستكمل وبقي مستمراً وتمت المحافظة عليه فإنه سيؤسس لمنهج واعد في تعامل العرب مع بعضهم بعضاً وأنه سيضع حداً لحالةٍ كانت مُكْلفة للجميع بغض النظر عن المواقع وطبيعة التمحورات التي ما كان يجب ان تكون وبخاصة في وقت إتضح فيه ان هذه الأمة كلها مستهدفة وأن هناك من يواصل السعي الدؤوب لشطبها من معادلة قضاياها الرئيسية والأساسية وأولها القضية الفلسطينية
إنها خطوة مباركة يجب إستكمالها بإرساء تقاليد وأعراف جديدة في العمل العربي المشترك وأنه يجب دائماً وأبداً ان تتقدم المصالح العربية العليا على أي مصالح أخــرى وأن التباعد، غير المبرر ليس في بعض الأحيان بل في كل الأحيان، يجب ألا يتحول قطيعة فأفراد العائلة الواحدة قد يختلفون بين بعضهم بعضاً على بعض الأمور لكن هذا الخلاف من المفترض ان يُبقي الجميع ضمن الدائرة الواحدة وعلى أساس ان الموضوعي هو الأساسي وأن الذاتي هو الثانوي الذي لا يجوز التوقف عنده
عندما يأتي الأشقاء الى عمان، بغض النظر عمَّن إضطرته ظروفه الخاصة الى الغياب، فإن هذا يعتبر وساماً علقته الأمة العربية على صدر كل أردني وأنه يعتبر تقديراً للمكانة التي يحتلها هذا الوطن وتقديراً لقيادته وتقديراً للدور القومي الذي بقيت المملكة الأردنية الهاشمية، التي أُنشئت عربية وبدأت عربية وبقيت وستبقى عربية، تلعبه في القضايا القومية الكبرى وأولها وعلى رأسها القضية الفلسطينية
خلال أيام قليلة سيتوجه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الى الولايات المتحدة وسيكون لقاؤه مع باراك أوباما أول لقاء لقائد عربي مع الرئيس الأميركي الجديد في البيت الأبيض وفي هذا اللقاء وفي اللقاءات المقررة الأخرى مع باقي أركان الإدارة الأميركية سيكون الهم هو هم العرب كلهم .. إنه سيكون هم القضية الفلسطينية وهم كل أرضٍ عربية محتلة من فلسطين الى الجولان الى ما بقي محتلاً من الجنوب اللبناني وأيضاً هم العراق والسودان وهم ان تأخذ هذه الأمة المكانة التي تليق بها وألاَّ يحاول أي كان مصادرة دورها في هذه المنطقة التي هي حمىً عربياً لا يجوز أن يعتدي أيٌّ كان عليه
لم ينتظر الأردن تفويضاً ليحمل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين معه هم أمته وهموم قضاياها الى حيث يذهب والمؤكد ان الأشقاء الذين جاءوا الى عمان أمس لم يأتوا وهم يحملون معهم هذا التفويض الذي أُثير قصته من قبيل المشاغبة ومن قبل الذين لم يعجبهم ان يضع العرب أقدامهم على بداية طريق جديد بالنسبة للعمل المشترك بينهم .. إن وزراء الخارجية ومعهم الأمين العام للجامعة العربية الذين جاءوا أمس الى هذا البلد العربي الذي هو بلدهم وإلى هذه العاصمة العربية التي هي عاصمتهم وعاصمة كل العرب قد جاءوا ليتبادلوا وجهات النظر حول القضايا العربية الراهنة وحول كيفية التعاطي مع الولايات المتحدة في عهد هذه الإدارة الجديدة التي بدرت منها مواقف واعدة ومشجعة
كان رأي الأردن دائماً وأبداً وقبل قمة الدوحة الأخيرة وبعدها أنه لا يجوز أن يبقى العرب في حالة التمزق هذه وأنه لابد من دعم ومساندة مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرأب الصدع العربي ولتنقية الأجواء العربية ولتغليب القضايا الكبرى المشتركة على الأمزجة الشخصية ويقيناً ان هذا التحرك الذي بدأ أمس إن هو أستكمل وإن أصبح نهجاً عاماً في العمل المشترك فإن هذه الأمة ستجد نفسها خلال سنوات قليلة في واقع غير هذا الواقع غير المقبول الذي لا يجب ان يستمر ويتواصل
وحتى بالنسبة للولايات المتحدة، التي هي وحدها القادرة على إلزام الإسرائيليين بالإنصياع الى إستحقاقات عملية السلام، فإن العرب سيكبرون بعينها عندما ترى أنهم جاءوا الى عمان، بغض النظر عن الذين إضطرتهم ظروفهم الخاصة الى الغياب، ليشعروها ويشعروا العالم كله ان الأردن يحظى بثقة عربية رسمية وشعبية مطلقة، وأن ما سيتحدث به جلالة الملك مع الرئيس باراك أوباما هو رأي العرب كلهم وأن كل قضية سيثيرها عليها إجماع عربي وتمثل وجهة نظر كل الدول العربية