خبران في يوم واحد ؟

الخبر الأول: هآرتس ، 26 نيسان ـ أبريل الجاري ، من عاموس هرئيل وآفي يسخروف ، ويقول: "تظهر أجهزة الأمن الإسرائيلية في الاسابيع الاخيرة رضى متزايدا عن أداء أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، فقد أشارت مصادر أمنية (إسرائيلية) في حديث مع "هآرتس" الى أن الاجهزة (الفلسطينية) شددت النشاطات ضد منظمات الارهاب وعلى رأسها حماس...في هذه الاثناء تواصل أجهزة الامن الفلسطينية على الارض ، تعاونها الأمني مع اسرائيل ، حتى بعد قيام حكومة بنيامين نتنياهو....في اسرائيل يأخذون الانطباع بأن الأجهزة (الفلسطينية) "رفعت العيار" بالفعل في الصراع ضد حماس".

الخبر الثاني: يديعوت أحرونوت ، 26 نيسان ـ أبريل الجاري ، من اليكس فيشمان وآخرين ، ويقول:"مصدر سياسي اسرائيلي كبير أشار الى أن...حماس تبذل جهودا غير عادية بالنسبة لها كي تحسن مكانتها بعد حملة "رصاص مصهور"، فهي تمنع مثلا العمليات على طول الحدود ضد اسرائيل (باستثناء زرع العبوات) ، وتنفذ اعتقالات لجهات تطلق أو تحاول اطلاق النار نحو اسرائيل ، رغبة حماس في الحفاظ على الهدوء هي اشارة صريحة لاسرائيل بان حماس مستعدة لان تسير بعيدا كي تحطم الحصار وبالتوازي ، تتعرض حماس لضغط داخلي من العائلات داخل غزة للتقدم في مسألة شليت وتحرير السجناء الفلسطينيين".

إذن نحن أمام مشهد سريالي بامتياز ، السلطة تطارد حماس في الضفة الغربية لمنعها من القيام بأعمال مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وحماس تطارد فصائل المقاومة الأخرى في قطاع غزة لمنعها من القيام بعمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي ، باستثناء عمليات زرع العبوات التي تتم عادة داخل أراضي القطاع المحاذية للحدود مع الدولة العبرية ، حماس المقاومة في الضفة ، هي ضحية السلطة وتنسيقها الأمني مع الاحتلال ، وحماس السلطة في غزة ، هي جلاد المقاومة ، أو كابح جماحها على أقل تقدير.

وفقا لهآرتس ، فإن السلطة في رام الله تفعل ما تفعل لتظل "سلطة" في المقام الأول والأخير ، ولتوسع نطاق نفوذها والتأهل لتسلم "الولاية" على مناطق جديدة من الضفة بدءا من جنين ، أما حماس في غزة فتكافح وفقا ليديعوت أحرونوت لتحسين صورتها وتعزيز مكانتها ، فالحرب على غزة تخلف الكوارث ، والقطاع يعيش قصة مجاعة معلنة ، والضغوط التي تتعرض لها الحركة ، وتكاد تهز عرش حكومتها المقالة ، تدفعها للقيام بما لا تشتهي ، بما في ذلك مطاردة مقاومين.

الرابح في كلتا الحالتين هو الاحتلال الإسرائيلي أولا وأخيرا ، فالانقسام الداخلي والتصارع على السلطة ، يحوّل "سلطات" الفلسطينيين وأجهزتهم يوما بعد آخر ، إلى "حرس حدود" للدولة العبرية ، ودائما بمبررات وطنية من "العيار الثقيل" ، تذكر بمبررات الأنظمة العربية البائسة ، التي حاولت أن تقنعنا ذات يوم ، بأن بقاءها في السلطة هو الشهادة على هزيمة "المشروع الصهيوني - الإمبريالي" ، حتى وإن ضاعت الأرض والأوطان وتشرد العباد في أربعة أرجاء الأرض ، واليوم هناك من يقول لنا أن بقاء "السلطات" و"الحكومات" الفلسطينيية ، ينهض شاهدا حيّا ، تارة على فشل إسرائيل ومن يقف خلفها ، وأخرى على خيبة إيران ومن يقف جنبها ، وبين هذا وذاك ، تزداد معاناة شعب فلسطين المنكوب بقياداته ، ويبتعد حلمه في الحرية والاستقلال.

الدستور