الكويت .. اليوم !
لا يضير الكويتيين ولا يعيبُهم ان يذهبوا الى صناديق الإقتراع في العام الواحد ليس مرتين بل أربع مرَّات فهذا دلالة حيوية ودلالة نضج سياسي ويحصل مثله وأكثر منه في بعض دول العالم العريقة في تجربتها الديموقراطية ومن بينها إيطاليا التي أُجريت فيها إنتخابات وتبدَّلت فيها حكومات منذ الحرب العالمية الأولى لا يستطيع مراقب عن بعد إحصاءها ومعرفة عددها وفي أي تواريخ أجريت .
لأسباب كثيرة ومتعددة تميزت الكويت في وقت مبكر بالحيوية السياسية وبأنها الوحيدة من بين دول الخليج العربي كلها التي عرفت الحياة البرلمانية في ستينات القرن الماضي وأنها بقيت تصر رغم بعض العثرات والمنغصات على الإستمرار في هذا الطريق الشائك فعلاً والذي في مثل ظروف وأوضاع هذه المنطقة لا يواصل الإصرار عليه إلاَّ من لديه قدرة خارقة على التحمل وصبـْره يقترب من صبر أيوب .
لاحظ المراقبون عن بعد ، رغم الإعجاب بحيوية أهل الكويت السياسية وشعبها ، ان هناك تيارات حزبية كويتية ينطبق عليها الحديث النبوي القائل : '' إن المـُنْبتُّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى '' وأنها مستعجلة أكثر من اللزوم ، مع أنها بالتأكيد تعرف ان في العجلة الندامة في أكثر الأحيان ، وهذا قد يـُفهم على أنه محاولات للتخلص من هذه الديموقراطية والأخذ بالإسلوب الشمولي الذي ربما أنه على المدى الأبعد يلائم هذه التيارات وينسجم مع حقيقة مفاهيمها وأساليب عملها .
إن من حق أي تيار أو حزب الدفاع عن وجهة نظره بشجاعة وبإصرار وبقوة فحرية الرأي قولاً وكتابة لا ديموقراطية بدونها لكن ما يجب أخذه بعين الإعتبار دائماً وأبداً هو ألاَّ تتحول هذه الحـرية الى غطاء للمناكفة والتشويه والتحريض المشبوه وهذا ما عانينا منه نحن في هذا البلد ، المملكة الأردنية الهاشمية ، ولانزال نعاني منه الشيىء الكثير وذلك الى حدِّ خِشْيتنا في أحيان كثيرة من ان يلجأ وليُّ الأمر الى ما هو أبغض الحلال ويعطل الحياة البرلمانية ولو لفترة محدودة .
جزءٌ كبير من عمل الجهة التي تعتبر نفسها تقود المعارضة ، وهي كذلك ، عندنا هنا في المملكة الاردنية الهاشمية تحول الى مجرد مناكفة من أجل المناكفة وإلى مجرد تشويش من أجل التشويش فهي ضد قناة البحرين ، البحر الميت ؟ البحر الأحمر وهي ضد مبادرة السلام العربية وضد مؤتمر البحر الميت وضد المناطق الإقتصادية المؤهلة وضد اللامركزية ومشروع الأقاليم .... وغير معروف لماذا؟ .
وهي بقيت ضد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة الى ان أصبحت هناك إمكانية لتكون من نصيب أشقائها في الرضاعة وأبناء عمومتها وهي إذا قيل لها ان الشمس تشرق من الشرق تقول لا بل أنها تشرق من الغرب وإذا قيل لها أن هذا ثورٌ يقولون لا بل أنه بقرة ذات ضرع مدرار الحليب .. وهذا هو المناكفة من أجل المناكفة وهو ما وقعت به بعض التيارات السياسية الكويتية وأدَّى الى كل الإرباكات التي أدت الى حل البرلمان السابق والبرلمان الذي سبقه .
من المفترض ان تـُنبـْىءَ صناديق الإقتراع الكويتيين اليوم بأسماء أعضاء برلمانهم الجديد والمؤكد ان أسماء الفائزين حتى بأقليتهم ستحدد ما إذا كانت الحياة الديموقراطية هناك ستضع أقدامها على بداية طريق جديد غير الطريق السابق وأنها هذه المرة لن تصطدم بجدران المناكفات العبثية ولن تنشغل عن واجبها في معارك كيدية جانبية كانت في كل الأحوال على حساب الشعب الكويتي وعلى حساب قضاياه الرئيسية والأساسية .
الرأي