ليشربوا من البحر الميت!

لعبة سخيفة وواضحة ومكشوفة هذه التي أطلقها أفيغدور ليبرمان، عبر بعض أزلامه، والتي هي بالتأكيد ليست بعيدة عن بنيامين نتنياهو ومناوراته فالتلويح مجدداً بالوطن البديل وبأن دولة الفلسطينيين قائمة فعلاً في الأردن يُظْهِرُ مدى إنزعاج هذه الحكومة الإسرائيلية من التحرك الأردني الفاعل والنشط والمقبول في الولايات المتحدة وفي العالم كله تجاه عملية السلام وحل الدولتين والمبادرة العربية.
عندما اكتشف بنيامين نتنياهو مدى ما حققته زيارة الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى واشنطن، التي قام بها باسم العرب وحاملاً تصوراً عربياً واحداً للحل في الشرق الأوسط وأولوية الإستحقاقات فيه، من تأثير على الرئيس باراك أوباما وعلى مراكز صنع القرار وعلى الكونغرس الأميركي والرأي العام في الولايات المتحدة أوعز لوزير خارجيته بالتلويح بتلك الفزَّاعة القديمة الدولة البديلة.. والوطن البديل للتشويش والمشاغبة.. والتخويف.
لأول مرة في تاريخ هذا الصراع المعقد الطويل يشعر الإسرائيليون بأن العرب باتوا يتحدثون مع العالم بلغة مفهومة وأنهم يخاطبون الولايات المتحدة من زاوية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة ولأول مرة يشعر الإسرائيليون بأن الأميركيين يخاطبونهم بلغة مختلفة عن اللغة التي بقوا يخاطبونهم بها لأكثر من نصف قرن وأن رئيساً أميركياً واجه رئيس وزراء إسرائيلي بالإصرار على وجهة نظر مخالفة لوجهة النظر الإسرائيلية وبمنطق مغاير تماماً للمنطق الإسرائيلي.
وبالطبع فإن بنيامين نتنياهو أدرك، بعد كل الذي سمعه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض وفي الكونغرس في الكابيتول هيل وفي اللقاءات التي جمعته بعدد كبير من صناع القرار، كمْ ان زيارة الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى واشنطن كان لها تأثير حقيقي على الموقف الأميركي، رئيساً وإدارة وشيوخاً ونواباً ورأياً عاماً، تجاه مأزق الشرق الأوسط والحلول الكفيلة بإنهاء هذا الصراع المزمن وحل القضية الفلسطينية الحل العادل المقبول.
ولذلك جاء رد فعل هذه الحكومة الإسرائيلية المعزولة التي ينظر إليها العالم كله على أنها خارجة عن سياق حركة التاريخ بهذه الطريقة الإنفعالية الصبيانية وبالتلويح بـ بعبعٍ لا يخيف الأردن الواثق من نفسه ولا يهز شعرة واحدة في أجساد الأردنيين الذين لديهم الاستعداد الكامل لتقديم أكثر من شهيد دفاعاً عن كل ذرة واحدة من تراب وطنهم.. وهنا فإن على ليبرلمان الذي كان لا يزال صغيراً ولم يكن قد فرَّ بعد من وطنه السوفياتي ان يعود الى أرشيف الجيش الإسرائيلي ويقرأ حقائق معركة الكرامة.
سيمضي الأردن باسم العرب ومعهم بهجومه السلمي هذا وهو سيواصل محاصرة هذه الحكومة الإسرائيلية داخلياً وخارجياً بمخاطبة الإسرائيليين والعالم كله بهذه اللغة المفهومة وبمواصلة التأكيد على ان القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط وأن الحل الذي يبعد هذه المنطقة عن الإنفجارات والحروب والمآسي والويلات هو حل الدولتين وأنه لا أولوية على هذه الأولوية ولا يوجد أي حل غير هذا الحل.
هناك مثل يقول لاشك في ان بنيامين نتنياهو قد سمعه ومعه وزير خارجيته هذا المنفلت من عقاله : إن عكَّا لا تخشى هدير البحر ونحن في هذا البلد نقول إننا لا نخشى هذه الألاعيب الصبيانية وإننا ماضون في هذا الهجوم السلمي حتى النهاية وإن من لا يعجبه هذا عليه ان يشرب من مياه البحر الميت حتى تنتفخ خاصرتاه!!.