الحكومة والتواصل مع حاجات الناس

في البرنامج الصباحي "صباح المدينة" الذي تقدمه الإعلامية ضياء العوايشة، على راديو صوت المدينة، سألت العوايشة امرأة عجوزا تغسل الكلى من منطقة الرويشد عن حاجتها فكان الجواب: "نحتاج لكندشن وثلاجة لغرفة غسيل الكلى".
ذلك الطلب البسيط في منطقة لاهبة وحارة في الصيف ضرورة يجب توفيرها للناس، خاصة وأن مرضى الكلى يقضون وقتا طويلا في غرف الغسيل التي يستغرق الجلوس فيها من أربع إلى ست ساعات.
علما أن الغرفة حاليا تحوي جهازي تبريد واحد معطل والآخر صالح، وحسب ما أفادت العوايشة فإن هناك استجابة بعد برنامجها من قبل الحكومة التي بادرت لطرح عطاء لتركيب ست وحدات تبريد.
المواطن أحمد محمد لافي، من بلدة الهاشمية، مريض أيضا بالكلى، ذهب ظهر الأربعاء إلى مستشفى الإيمان في عجلون ليغسل كلاه، وفوجئ بأن جهاز وحدة الغسيل معطل، فنُصح من قبل المسؤولين بالذهاب إلى
مستشفى إيدون أو الأميرة سمية في اربد.
هناك حالات كثيرة بالتأكيد حاجاتها مثل غرفة غسيل الكلى في مستشفى الرويشد، وهنالك أجهزة غسيل كلى معطلة وهي ليست محصنة ضد التعطيل، لكن كيف لنا أن نجيب عن أسئلة الناس عندما نقول لهم اذهبوا واشتكوا، فيقال لنا: نشتكي لمين وعلى مين؟ المريض الذي يريد غسل كلاه، يكون إتمام عملية الغسل هي أمنيته والغاية المرجوة، وفي حالات عديدة تسمع إجابات من مثل: يقولون أين الفساد؟ الجواب هو على "ارض الواقع".
ما يقوله الناس صحيح، فتقرير ديوان المحاسبة الذي ناقشه النواب أشار إلى فقدان نحو أربعين مليون دينار في وزارة الصحة، وثمانين مليونا في وزارة الزراعة، وهذا ما أشرنا له في مقالنا قبل أسبوع، وحتى الآن لم تفسر الحكومة صمتها ولم يفسر النواب استسلامهم ورأفتهم بهذه القضايا.
أحيانا كثيرة نقد الحكومة قد يولد مناعة عندها، لكننا نقرأ عن إعفاءات ضريبية لشركات عقارية محددة وتقديم تسهيلات لها وللمشترين منها، وهو ما أشار إليه الزميل إبراهيم غرايبة في مقاله الأربعاء الماضي، علما أن هناك شركات وطنية لها نشاطات عقارية وطنية وهي ناجحة وماضية في مشاريعها، لكنها لا تحصل على
هذه الاعفاءات ما يولد حالة من فقدان الثقة.
أزمة الحكومات أنها لا تصل للأخطاء إلا بعد تفاقم التردي وسوء الأحوال، والحكومة الحالية التي يبدو أنها لم تتم الكثير مما أعلن عنه، سواء في تحقيق أن يكون العام 2009 عاما للزراعة أو في مبادرات كبرى مثل سكن كريم, أو في تخريج الكثير من الأزمات, لو ذهبت الحكومة إلى الكرك وقابلت المزارعين الذي يستعدون لإعلان حالة الجفاف، استنادا لما ورد في "الغد"، فإنها ستُسأل عن الثمانين مليونا التي جرى تبديدها في وزارة الزراعة, وهنا لن تجد من يجيب عن أسئلة الناس وصمتهم، والصمت هو نموذج المعارضة الخطير دوما!
لست راغبا في ممارسة الكثير من الانتقادات للحكومة، فللحق أن كثيراً من أزماتها هي رواسب ماضية، وأن فيها وزراء جيدين، لكنها في حالتها الراهنة فاقمت المشهد سوءا عندما أطالت الصمت عن كثير من المواقف، ومنها قضية البورصات، أوعندما فشلت سياساتها في تحقيق الأفضل، والأمر الواضح عيانا أنها غير قادرة على التواصل مع الأطراف منذ أشهر.
الغد