عرب الـ 48 بين الهوية والجنسية

الحديث عن التطبيع مع كيان الاحتلال والعلاقات معه تدخلنا في قضية ربما تحتاج منا الى معالجة وتمييز حتى نزيل الخلط بين اشقائنا العرب الذين عانوا من الاحتلال منذ اكثر من ستين عاما وبين مواطني كيان الاحتلال، وسبب التداخل ان العربي من اهلنا هناك يحمل الجنسية الإسرائيلية كخيار قسري، وعندما يشتري او يبيع او يأتي سائحا او يستورد او يصدر فإنه يظهر في القيود باعتباره إسرائيليا، لكنه في الحقيقة عربي قاوم ويقاوم بل وتركته كل الامة وحيدا عقودا طويلة من دون ان تعطيه مساحة من الاهتمام، لكنه بإيمانه بوطنه وهويته حافظ على نفسه وهويته العربية.
وعلينا ان لا ننسى ان هؤلاء الاشقاء هم الذين يقفون اليوم في خندق الدفاع عن عروبة القدس، وهم الذين مارسوا نضالا سياسيا وحضاريا على اختلاف مواقعهم الفكرية من الحركة الاسلامية الى التيارات القومية واليسارية، فهل من المنطق ان نعامل الشيخ رائد صلاح او احمد الطيبي او عبدالملك الدهامشة او السلسلة الطويلة من قيادات العرب هناك باعتبارهم إسرائيليين؟!!
ومن يعرف السياسة الاردنية يدرك اننا في الاردن من اكثر الدول العربية التي فتحت لأهلنا هناك ابوابا للتوصل مع امتهم، ليس فقط عبر العمرة والحج بل عبر فتح ابواب علاقات ثقافية وتواصل سياسي ومقاعد جامعية، واليوم هنالك تواصل دائم لأن نسبة من السياح في مدننا وتحديدا عمان هم من أبناء الهوية العربية في فلسطين العام 48، وهذا جزء من اقامة تواصل بين جزء من شعب اضطر لحمل جنسية كيان الاحتلال وتركته الامة وحيدا عقدا بعد الآخر.
ما أود الاشارة إليه هو مدى قدرتنا جميعا على اقامة تعريف خاص للأشقاء من عرب 48 يخرجهم من تعريف الجنسية الى تعريف الهوية، أي ان يقيم العرب معهم علاقات على انهم عرب وفلسطينيون، وليس على اساس جواز السفر الاسرائيلي، وهذا الفصل نحتاجه لأننا نقف موقفا رافضا للتطبيع مع كيان الاحتلال الذي افسد حتى جهود المؤمنين بالتسوية والسلام، لكننا لا نريد ان يكون رفضنا للتطبيع مدخلا لظلم علاقتنا الضرورية مع هؤلاء الاشقاء، ولا نريد ايضا ان يستفيد العدو الصهيوني من حرصنا على هذه العلاقة للتطبيع في أي مجال، لكن وجود كيانات عربية واضحة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجعل من السهل بناء حالة تواصل وعلاقات في كل المجالات، لكن دون ان تكون تطبيعا، وتجعلنا نجعل خيار الاشقاء عربيا، ونعمق أدواتهم في مقاومة الحالة العنصرية التي تتعامل بها الحكومات الصهيونية ومنها الشرط السياسي الفكري الذي تتبناه الحكومة الصهيونية، وهو الاعتراف بالهوية اليهودية لإسرائيل الذي يعني حربا على الهوية العربية لأهلنا هناك. وحتى امس كان القرار الصهيوني بتغيير الاسماء العربية الى العبرية إمعانا في استهداف العرب الذين يشكلون مصدر رعب سكاني وهم مقبلون على التحول الى الاكثرية السكانية مقابل اليهود خلال اقل من عشرين عاما.
لا ادري كم هي دقة المعلومة تفصيليا، لكن الثقة الكبيرة بمصدرها وهو أحد السياسيين المجربين تجعلني اذكرها، وهي ان الاشقاء في سورية يتبنون كل منتجات الجولان ويقومون باستيرادها لأنها جزء من انتاج العرب السوريين الذين لهم نفس الوضع السياسي لأهلنا في أرض الـ 48 ، فهم من حملة الجواز الاسرائيلي لأن الجولان تم ضمها رسميا العام 1981 إلى إسرائيل، وهنا ادعو كل الجهات الرسمية والشعبية الى التفكير بمنهجية واحدة لمزيد من التعامل مع عرب الـ 48 وفصلهم عن الهوية السياسية التي فرضها عليهم الاحتلال، والتعامل معهم على اساس هويتهم الوطنية والقومية، لكن من دون ان يغيب عن الذهن ان هناك مكرا صهيونيا قد يستغل أي علاقات واسعة لتمرير تطبيع نرفضه بل ترفضه حتى القوى التي اصابها الاحباط نتيجة التعاطي مع التسوية التي آمنت بها هذه القوى العربية.