«المسجد الاقصى» .. خطيئة الخذلان

لم تعد أخبار التهديدات ضد المسجد الاقصى تثير احدا ، بين العرب والمسلمين ، فالمسجد الذي هو أولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشريفين ، يتم مسه يوميا ، فيما يكتفي عرب الالفية الثالثة ، بالادانة والاستنكار.
اذا كان عرب اليوم ، يتفرجون بكل هذا الخزي ، على الاهانات التي توجه للمسجد ، آخرها التخطيط لاقامة حفل فني قربه ، والمخططات الاسرائيلية ، لهدمه واقامة بوابات جديدة ، من حوله ، غير الانفاق ، والحفريات ، فان علينا ان نعترف ان العرب شركاء ، في الجرائم التي ترتكب ضد المسجد ، شركاء بصمتهم وتعاميهم ، وشركاء بترك اهل القدس يعانون ، تحت وطأة الضرائب ، والحصار ، والملاحقة وهدم البيوت ، ومصادرة الاراضي.
عرب الالفية الثالثة ، هم عرب بلا اسلام ، ولا عقيدة ، يصومون ويصلون ، غير ان همتهم ثقيلة ، يريدون ان تحل السماء كل العقد ، فيما هم في فراشهم ، والعربي يهيج ويصفر وجهه ، غضبا ، اذا رمى عابر طريق ، علبة سجائر فارغة في حديقة منزله ، في حين ان بيت الله ، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي هو امانة في اعناق المسلمين والعرب ، لا يثير فيهم سوى بيانات لغوية لا تضر ولا تنفع ، ويتركونه اسيرا ، وفي طريقه للتهويد والهدم ، بل ان الاعلام العربي يتواطأ ، عامدا ، في الاغلب ، فينشر صورة مسجد قبة الصخرة ، عند الحديث عن القدس ، ويغفل صورة المسجد الاقصى ، ليمحوها من الذاكرة ، حتى اذا هدمه اليهود ، بقي لهم البديل النفسي ، أي مسجد قبة الصخرة.
ما الذي تفعله دول عربية كبرى ، يفترض أن لها وزنها في العالم ، وما الذي تفعله اللجان والصناديق والمنظمات ، ما الذي يفعله المال العربي والمال المسلم ، والمال الفلسطيني ، المكدس بمئات المليارات ، واين هي كل الشعارات المطروحة ، والتباكي على القدس ، وهم يتركونها عن عمد لتمضي في طريقها ، المخطط له ، اسرائيليا ، وأمة مثل هذه تفرط في شأن رباني ، كيف ستحمي نفسها ، من المستقبل ، وهي تتفرج بكل بلاهة على تهويد القدس ، وكل ما يجري فيها ، ونكتفي بالدعاء ، يوم الجمعة ، في مساجد العالمين العربي والاسلامي ، هذا اذا تذكر البعض الدعاء.
المسجد الاقصى ليس مسجدا فلسطينيا ، وليس ممتلكا من ممتلكات احد ، هو بيت الله ، وامانة في اعناق العرب والمسلمين ، حتى لا يأتي من يقول ان هذا شأن فلسطيني داخلي ، والاقصى هنا شأن عربي واسلامي ، يتفرج على خرابه مليار عربي ومسلم ، نعم.. مليارعربي ومسلم ، غير قادرين على منع حفلة فنية فاسدة ، جانب المسجد ، وغير قادرين ، على دفع قرش لتثبيت اهل القدس ، في بيوتهم ومحالهم التجارية ، وكأنهم يقولون لهم ، اذهبوا الى جهنم ، ودعونا في حالنا ، ومليار عربي ومسلم ، لو دفعوا قرشا ، لساعدوا اهل القدس ، ولنصروا قضية المسجد ، بوسائل عديدة.
لا يكفي ان نلوم الحكومات والانظمة ، وننام باعتبار أننا بلغنا الامانة وأدينا الرسالة ، فالمسجد الاقصى ، جوهر الصراع اليوم ، على القدس ، والسكوت على ما يجري ، كارثة بحق ، فلا نرى لا حربا ولا سلما ، ولا احتجاجا عمليا ، ونكتفي بالنواح على التاريخ والاطلال ، أو اصدار بيان ، وكتابة مقال ، لتسجيل موقف عابر للايام ، ولعل مراجعة ما تعرضت له القدس خلال الشهور الثلاثة الاخيرة ، تثبت ان الاخطار تزاديت بطريقة مرعبة ، وارتاحت اسرائيل ، وتفعل ما تريده اليوم ، وهي تعلم ان القصة لن تتعدى بيانا غاضبا ، اذا وجد مكانه للنشر اصلا في بعض الاعلام العربي.
لا بد ان نصحو ، على ما يجري ، وان نقف موقفا عميقا ، لاجل المسجد الاقصى ، الذي زدناه هما فوق همومه.. الاحتلال ثم الخذلان ، فأي عرب هم هؤلاء ستقوم لهم قائمة في الارض او السماء ، امام هذا المشهد.
الخذلان أخطر بكثير من الاحتلال.
m.tair@addustour.com.jo