استهداف اسرائيلي مبرمج للأردن

كان الأردنيون على حق عندما شعروا بقلق بالغ من فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الاسرائيلية وعودة نتنياهو وحفنة من القتلة الى سدة الحكم. فقد بدا واضحاً ان العداء المستحكم في ايديولوجية اليمين الصهيوني للاردن دولة وشعباً اخذ في الانتعاش على المستويين الحكومي والشعبي, وبدأ يعبر عن نفسه بأفكار وبرامج تأخذ شكل المناورات الاعلامية احياناً.
مظاهر العداء للاردن بدأت باعلان نتنياهو وحكومته الرفض المطلق لعودة اللاجئين والدعوة العلنية لتوطينهم في الاردن ودول عربية اخرى. وتزامن ذلك مع تنكر الحكومة الاسرائيلية للاتفاقيات والتفاهمات الدولية بشأن حل الدولتين, وكل ما يتعلق بمفاوضات الحل النهائي.
وفي اجواء هستيريا العداء للفلسطينيين والاردنيين تبنى اعضاء في الكنيست مشروع اقتراح يعتبر الاردن وطناً بديلاً للفلسطينيين.
وفي الآونة الاخيرة سجلت عدة حوادث كان مصدرها اسرائيل مثل تلوث المياه وحرائق المناطق الحدودية, ساهمت مجتمعة في تكريس الانطباع لدى الرأي العام باستهداف اسرائيلي مبرمج للاردن.
ويعزز حالة القلق الاردني من المخططات الاسرائيلية ما تناقلته تقارير اعلامية منذ ايام عن افكار اسرائيلية لترحيل عرب الـ 48 بالقوة الى الضفة الغربية والاردن.
محللون اردنيون لا يستبعدون اي احتمال ويشار في هذا الصدد لما ذكرته مصادر دبلوماسية عن اقتراح تقدم به عوزي اراد مستشار نتنياهو المقرب لاقامة سلام مع سورية تحتفظ اسرائيل بموجبه بكامل الجولان وتمنح بدلاً منها اراضي اردنية على ان يعوض الاردن باقتطاع اراض من السعودية, واللافت حسب المصادر ان نتنياهو لم يعارض الاقتراح.
الاستفزاز الاسرائيلي للاردن لا يتوقف على سياسات نتنياهو وحكومته, انما يتعداه لمنظمات صهيونية اتخذت من خطاب التطرف والعداء غطاء للتعبير عن اطماعها بالاردن, فمنذ يومين اعلنت منظمة »ارييه كنج« المتطرفة عزمها تمّلك عقارات في الاردن تدعي انها اشترتها ايام العثمانيين. ولم تتورع المنظمة الصهيونية عن التصريح علناً بخطتها لشراء هذه العقارات عن طريق يهود اوروبيين.
ردت الحكومة على المنظمة الصهيونية كما ردت من قبل على تصريحات النائب »الداد«, وانتقدت بشدة سياسة الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية عموماً. لكن الخطاب السياسي والسلوك الرسمي لم يرتق الى مستوى التهديد الاسرائيلي. وفي العموم هناك في الاوساط الرسمية من يقلل من خطورة المشروع الاسرائيلي.. ويشعر المراقب للموقف الرسمي الاردني اننا ما زلنا اسرى اوهام السلام والضمانات الامريكية للاردن. ويعتبر بعض الرسميين سيطرة اليمين على اسرائيل مجرد موجة عابرة ستنقشع ويعود المعتدلون الى السلطة من جديد لنمارس معاً »لعبة السلام« المملة.
في المقابل هناك من يدرك بان المجتمع الاسرائيلي برمته قد انحاز وبشكل عميق الى اليمين وعقلية »القلعة« الصهيونية ولا امل بتغيير على هذه المعادلة الا ان هؤلاء في الوقت ذاته لا يريدون التسليم بهذه الحقيقة لانها ترتب مواقف سياسية ليس بمقدورهم اتخاذها.
لا معنى للمكابرة الرسمية, اسرائيل تشكل خطراً جدياً على الاردن, ولا يوجد تهديد خارجي غيرها, فهي مصدر الحرائق في الاقليم والنيران لا تأتينا الا من الغرب دائماً.