غريـزة البقـاء

تم نشره الخميس 30 تمّوز / يوليو 2009 02:54 صباحاً
غريـزة البقـاء
ماهر ابو طير

تعلن نتائج الثانوية ، يفرح الناس ، تدخل الفرحة بيوتهم ، وتأتي اموال البورصات ، تخفف عن الضحايا ، وتعيد بعض حقوقهم ، وتدخل البهجة بيوت الناس ، ايضا ، وقبلهم تعلن نتائج الامتحان الشامل ، لتحل الفرحة في بيوت كثيرة.

سيكولوجيا الفرح ، تثبت كثيرا ، ان الناس في واد ، والنخبة في واد اخر ، وحين ترى الالاف مستبشرين فرحين ، برغم كل ضنك الحياة ، ومصاعبها ، تعرف ان الوجه الاردني المتجهم ، خلفه قلب يبحث عن السعادة ويريدها ، تجهمه من باب تثبيت الذات والاحترام ، وعدم الظهور بصورة من يتسم بالميوعة ، لكنه شعب يبحث عن لحظات مسرة ، حتى تلك المواكب للخريجين والعرسان ، على الرغم من ازعاجها ، ومخالفتها للقانون ، تقول لك ان ها هنا مسرة ، دخلت الليلة الى بيت ما.

كل قصصنا عن الازمات الوطنية ، والاضطرابات ، والقلق ، والمحن السياسية ، ترى عكسها في الشارع ، فالناس يفهمون كل شيء ، معادلاتهم الاجتماعية تسير وفقا لساعة مختلفة تماما عن اعتقادات النخب ، همومهم ترتبط اساسا ، بحياتهم ، وخطاهم ترتسم على اساس قواعد نظيفة ، الجار للجار ، والاخ لاخيه ، والعلاقات اليومية ، تسير وفقا لانماط تغيب عن بال المحللين ، الانسان الاردني الشهم والكريم والطيب ، يحب بلده واهله ، وحين يقلب بصره في الاقليم من حوله ، يعرف ان هذا البلد يستحق ان نحافظ عليه ، وان لا يلحقه ما في الاقليم من مصائب ومشاكل اكلت الاخضر واليابس ، يعرف بغريزته ان البقاء عقيدة ، ولا بقاء الا باستمرار الحياة في احلى صورها.

تسافر كثيرا ، وترى كيف ان الانسان في عواصم الجوار ، منتهكة حقوقه ، لا قيمة له ، يذهب خلف الشمس ، لاجل شبهة او وشاية ، ترى كيف يتم هدر حياة الناس وحقوقهم ، لكنك ترى في الاردن كيف اننا ما زلنا في نعمة ، وان اعتراضاتنا على كثير من المشاهد السيئة ، سببه الخوف على البلد ، والمستقبل ، رسائل التحذير التي نطلقها ، سببها ليس تشويه الصورة ، او تسوديها ، هي رسائل مثل جرس الانذار ، لان حياتنا تعنينا ، ولان البلد يعنينا ، لكننا لا ننسى في غمرة كل ذلك ، اننا مازلنا بخير ، فأي بلد هو الذي يتظاهر فيه مئات المواطنين على انقطاع المياه لاربعة اشهر في قرية كركية ، ويصرون على مقابلة رئيس الحكومة ، فينصاع لرغبتهم ، لانه يعرف انهم اهم مافي الكون ، واي بلد يتظاهر فيه الناس امام ديوان الملك ، ويعودون الى بيوتهم ، دون ان يمس حياتهم احد.

حين ترى مشاهد الفرح في بيوت الناس ، بعد اعلان نتائج الثانوية العامة البارحة ، تعرف ان الناس لم تستسلم لكل هذا القدر من اليأس الذي نكتب عنه احيانا ، ونبثه في صدور الناس ، تعرف ان في قلوب الناس ، مساحات بيضاء ، وسعادة ، وانهم ما زالوا يصرون على البقاء بكل الوسائل ، وحين يبيع الانسان قطعة ارضه الوحيد ليعلم ابنه ، تعرف ان غريزة البقاء قوية لدى هذا الشعب ، في وجه العدو ، المتربص بأهل الشرق ، وفي وجه كل التحديات.

ما زلنا نصر على اننا نستحق الحياة ، ومثل هذا الشعب لن ينثني ، مهما حاول كثيرون جعلنا كذلك.

mtair@addustour.com.jo



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات