قيادة لا يثق بها العمال

غياب الديمقراطية والتدخل المباشر أفقدها الشرعية وتحولت الى عبء على الدولة
3/8/2009
لا تكمن ازمة القطاعات العمالية في التجاوز - الحاصل على حقوقها - الذي تفاقمت اشكاله بعد سياسة الخصخصة التي طالت قطاعات اقتصادية أساسية وإنما في افتقار القيادات العمالية او معظمها للثقة من طرف العمال. ومثل موقف عمال الموانئ المعترض على تمثيل شخصية قيادية في اتحاد العمال للحديث نيابة عنهم نموذجا على ازمة الثقة هذه.
يشعر العمال في معظم القطاعات بالغربة تجاه نقابتهم, وان قياداتها مفروضة عليهم. وهم محقون في هذا الموقف ويتجلى ذلك في عزوف الاغلبية الساحقة عن المشاركة في الانتخابات العمالية ووصول اغلب القيادات الى مواقعهم بالتزكية ناهيك عن وجود نقابات عمالية صورية لا يتوفر لها أي قاعدة او هيئة عامة بالمعنى المعروف. هناك نقابات عمالية نشطة ومبادرة لكنها قليلة ومحدودة وهناك قطاعات عمالية اخرى لم يتسن لها تشكيل مظلة نقابية تحمي مصالحها وتدافع عن حقوقها.
والحالة في اتحاد نقابات عمال الاردن لا تختلف كثيرا عن حالة الاتحادات العمالية والفلاحية في دول عربية سلطوية لا تتغير قياداتها الا في حالة الوفاة او بقرار سياسي. ففي الحالتين تغيب ارادة الناس ويجري الاعتداء على حق طبيعي لهم باختيار من يمثلهم بطريقة ديمقراطية نزيهة.
لقد فقدت القيادات العمالية في الاردن ثقة قواعدها بعدما قررت الحكومات المتعاقبة التدخل في عملها بكل الاشكال المتاحة لابقائها تحت السيطرة.
لكن هذا الوضع لم يعد ممكنا استمراره بعد ان ارتد بشكل سلبي على الدولة. الحكومات اليوم تواجه مشكلة مع كل اضراب عمالي لانها لا تجد طرفا نقابيا يمثل العمال يملك سلطة شرعية للتفاوض وتوقيع الاتفاقيات العمالية وعندما تستنجد بقيادة الاتحاد العتيد تلقى معارضة من العمال الذين يفضلون الحوار المباشر مع الحكومة على أي دور أو وساطة من اتحاد يقف في معظم الأحيان ضد مصالح العمال.
بينما الحالة تختلف تماما مع النقابات المهنية التي تتمتع بقيادات منتخبة ديمقراطيا وتحمل تفويضا من الهيئة العامة يعطيها حق التحدث باسم المهندسين او المحامين او الاطباء ولا تواجه الحكومة أي اشكالية مع هذه القطاعات عندما تتقدم بقضايا مطلبية.
وبفعل ذلك تحولت النقابات المهنية الى عنصر اساسي من عناصر قوة الدولة الاردنية ومظهر من مظاهر تمدنها وديمقراطيتها.
انظروا ماذا افرزت الديمقراطية في النقابات المهنية للدولة وقارنوا ما جلبه غيابها عن النقابات العمالية من مصائب. الم تحن اللحظة لتحرير النقابات العمالية من قبضة الاجهزة الرسمية ليصبح لعمال الاردن ممثل شرعي يتحدث باسمهم?!.0