«الزحار» اخوان

آخر مرة قرأت بها عن ''الزحار'' كانت في الصف الرابع الابتدائي، كان هناك شرح واف تحت رسمة ''الأميبا'' التي تشبه قرن الفاصولياء ومكتوب تحتها تسبب مرض الزحار..
في السابق كانت هناك أمراض سارية عليها القيمة..مثل الكوليرا، والسل، والتوفئيد، والسعال الديكي ،الجرب، الجدري، ديزنطاريا، وأبو دغيم...كان يفتخر أحدنا أن معه مرضا معديا و''يشطح'' بذلك أمام معارفه ومريديه..بل كان مشهدا مألوفا ان ترى نصف الشعب يزاولون أعمالهم وهم يطعجون رؤوسهم اثناء مشيتهم نتيجة ''ابو دغيم'' البارز كحذوة فرس في الفك الأسفل..اذكر انه في المدرسة كان يضطر المعلم المصاب بمرض ''ابو دغيم''..أن ينقل اللوح من مكانه الى الزاوية الأخرى ليضمن رؤية واضحة له وللطلبة ''المدغمين'' ايضا..
ما زال اسم ''نايل'' ابن فالح الأطرم ملتصقا في ذاكرتي..لأنه بكل بساطة ''حمر ومات''..يا الهي ، كلما ذكرت عائلة فالح الأطرم أمامي ، يذكر اسم ''نايل'' على عجل ، بانه حمر ومات'' ...الطب الشعبي انذاك كان يعالج ''التحمير'' او ''الحصبة'' : من خلال إطعام الولد ''كيلو هريسة ثم طمره ما امكن باللحف والحرامات'' حتى تذهب عنه الحمره او يذهب هو والحمرة، مع ان الحمرة أصلا هي ارتفاع بدرجات الحرارة ..فيكون المصاب وقتها بأمس الحاجة الى مضاد حيوي وطعام بارد ولباس خفيف و ضمادات مثلجة ...مسكين نايل ''حمر ومات''،فكان بذلك أول شهيد للهريسة ..
***
أرملة كانت في الخمسين من عمرها ايضا تزوجت 8 زيجات وقضت على ازواجها الثمانية ، أطول زواج كان يستمر شهرا واحدا ..كانت متهمة بمرض اسمه ''الساق ويد''..لم يكن العامة يستطيعون ايجاد اسم علمي لمرض ''الساق ويد'' ، كل ما يعرفونه ان تلك السيدة ''لطة بلطة'' للرجال الأرامل والطامعين بحيويتها..شهر بالكثير و''يفيز'' العريس إلى الأبد''ون ويه''..
بالأمس قرأنا أن في قرية دوقرا انتشر مرض ''الزحار'' نتيجة المياه الملوثة من الآبار، هذا المرض على ما اعتقد انه اختفى من خريطة الأمراض السارية في الأردن منذ ربع قرن أو يزيد..لذا بدوري أشكر وزارة الصحة التي أعادت لنا هذه الأمراض بعد ان كدنا ننساها..فكما تفعل أمانة عمان و''تحيي الغناء القديم'' من خلال ''بيت الرواد''..وروتانا زمان تبث افلاما قديمة بالأبيض والأسود ..فها هي وزارة الصحة تعيد لنا أمراض زمان كما هي بالصوت والصورة والإسهال ايضا..
ahmedalzoubi@hotmail.com