كل شيء او لا شيء

اننا نقف امام حالة مفاوضات غير مباشرة وغير معلنة بين جميع الاطراف, العرب, الفلسطينيين, اسرائيل, من اجل وضع اطار للحل, يكون موضوعه ما يسمى بخطة اوباما التي طال انتظار العواصم العربية لها.
وما يدعوني الى هذا الاعتقاد ان المنطقة استقبلت خلال الاسبوع الاخير ثلاثة من كبار رجال الادارة الامريكية, روبرت جيتس وزير الدفاع, وجيمس جونز مستشار الامن القومي, وجورج ميتشل, المبعوث الامريكي الخاص للمنطقة اضافة الى تقاطر المسؤولين العرب الى واشنطن فماذا فعل هؤلاء وهؤلاء في واشنطن وتل ابيب والقاهرة وعمان ودمشق ورام الله هل يعقل ان موضوع البحث تركز فقط على تليين موقف نتنياهو من الاستيطان, ام انه يغطي جوانب شمولية من حق العودة الى السلام الشامل. وهو ما يذكرني بجولات وزير الخارجية الامريكية الاسبق جيمس بيكر, بين الاطراف العربية واسرائيل عام ,91 عندما صاغ اعلان مؤتمر مدريد للسلام.
لا بد للمراقب ان يلاحظ, ان نتنياهو بعد كل جلسة لمجلس وزرائه كل يوم احد يفتتح اجتماعه مع وسائل الاعلام بحديث يؤكد فيه شروطه الثلاثة 1- ان يعترف الفلسطينيون والعرب بيهودية اسرائيل 2- الغاء حق العودة وحل مشكلة اللاجئين خارج اسرائيل 3- رفض وقف الاستيطان في القدس لانه خط احمر.
مثل هذه المواقف, اجوبة علنية على مواضيع مطروحة عليه من قبل المبعوثين الامريكيين, وهذا مؤشر على ان تأخر اوباما في الاعلان عن خطته مرتبط بنتائج »المفاوضات« الدائرة مع العرب ومع اسرائيل, لا على الاستيطان فحسب وانما على الملامح النهائية للتسوية بما في ذلك حق العودة.
بعد اللقاء الاخير في واشنطن بين وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وبين وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون نسبت صحيفة الحياة الى احد مرافقي وزير الخارجية السعودي, تصريحا قال فيه: هناك توجهان مختلفان في عملية السلام. الاول: التوجه السعودي وهو »اما نتفق على كل شيء او لا نتفق على شيء« وهو لا يقبل بالتنازلات واسلوب الخطوة خطوة. ثانيا: النهج الاسرائيلي الذي يسعى الى توجيه الضغوط على العرب باتجاه تنازلات متوازية ورمزية من دون تحديد الهدف.
هذا الاعلان عن الموقف السعودي يسمح بايضاح وتقييم ما يجري وراء الابواب المغلقة في واشنطن وتل ابيب وفي جولات ميتشل وجونز وغيتس ولقاءات واشنطن مع المسؤولين الزائرين من العرب.
والسؤال: هل ينجح اوباما في عدم انحيازه, على الاقل, الى النهج الاسرائيلي. أم انه سيجد في عناد نتنياهو وغطرسته حجة للضغط على الاطراف العربية لتقديم تنازلات جديدة محملاً العرب وحدهم نجاح او فشل مهمته!.
لا اجابة قاطعة على هذا التساؤل المنطقي لكن من الخطورة ان تسعى بعض العواصم الى تصغير الحق العربي بـ "انجاح مهمة اوباما" لأن في مواجهة المواقف المتطرفة والوقحة لحكومة نتنياهو يبدو مثل هذا النجاح بعيدا, وان حدث سيكون على حساب الحقوق العربية, وفصلا جديدا من التنازلات بلا ثمن ومقابل ذلك فان المصلحة القومية والمصالح العليا للأمة تقتضي من جميع العرب الوقوف بحزم وصلابة الى جانب المعادلة السعودية "اما الاتفاق على كل شيء او لا شيء" .