أم كامل والاستهداف الصهيوني "للقدس الاردنية"

المواطنة المقدسية فوز الكرد (أم كامل) كانت في عمان هذا الاسبوع للمشاركة في احتفالات القدس عاصمة للثقافة العربية. كنا في "العرب اليوم" يوم الاحد في انتظار زيارتها لكنها اضطرت الى العودة مسرعة بعد ان وصلتها انباء اقدام سلطات الاحتلال على تدمير الخيمة التي بنتها منذ حوالي عام على انقاض منزلها الذي دمره العدو الصهيوني في حي الشيخ جراح.
حكاية ام كامل تلخص حكاية القدس التي تظهر المتناقضين, الوجه البشع والحقير لاسرائيل وقادتها وممارسات التهجير والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين, مقابل الوجه الاخر, الذي يمثل الصمود والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون المقدسيون دفاعا عن عروبة القدس وهويتها بل دفاعا عن شرف الامة, عربية واسلامية.
حكاية ام كامل, أنها هُجّرت في عام 1948 من بيتها ومنازل اهلها في القدس الغربية, التي احتلت في ذلك العام, وسكنت في الشيخ جراح في بيوت اقتطعتها لهم الحكومة الاردنية لتأويهم من التشرد والهجرة.
في عام 1999 (كما تحدثت عن قصتها في مقابلة »العرب اليوم« عدد امس), جاء اليها المستوطنون يطالبونها باخلاء المنزل, لكنها رفضت هي وزوجها واسرتها مزاعم مجموعة من المستوطنين اليهود الذين جاءوا من نيويورك, وهم امريكيون ابا عن جد, بان بيت ام كامل هو بيتهم.
بعد ان فشلت جميع المحاولات الاسرائيلية لارغامها مع اسرتها على مغادرة منزلهم عرضوا عليها مبلغ 15مليون دولار لكي تبيعه لكنها رفضت واصرت على المقاومة. فما كان من سلطات الاحتلال الا حشد المئات من الجنود الذين اقتحموا حي الشيخ جراح في تشرين الثاني من عام 2008 والقوا بزوجها المريض الى الشارع الذي تعرض لازمة قلبية وفارق الحياة بعد ايام ثم قاموا بنسف المنزل.
لم تستسلم ام كامل, فأقامت خيمة على انقاض ركام منزلها, خيمة اصبحت معروفة لجميع انصار القضية الفلسطينية في العالم الذين يحرصون على زيارة خيمة ام كامل للتضامن معها كلما زاروا القدس المحتلة, لقد هدم الاسرائيليون الخيمة (6) مرات وفرضوا عليها الغرامة بعد الاخرى, لكنها ظلت تعيد بناء الخيمة, وتقاوم ابشع احتلال, واسوأ دولة, واحقر نظام عرفته الدنيا, انه النظام الصهيوني, الذي لا يوجد شر في الدنيا إلا واتخذه منهجا في ممارسته وتحديه للاخلاق والمعايير والقوانين والقرارات الدولية.
في حديثها ل¯ »العرب اليوم« كررت ام كامل عبارة ان »القدس وديعة هاشمية حتى يتم تحريرها«. والواقع, ان هذا الكلام له وقعه الخاص وسط الانباء القادمة من القدس الشريف التي تؤكد »ان حكومة نتنياهو تتبنى الان خطة مختلفة عن كل ما سبق من مخططات حكومات اسرائيل وبلدية الاحتلال.
تحالف نتنياهو- ليبرمان مع باقي زمر الاستيطان لم يعد معنيا بالاحياء العربية المحيطة بالقدس, مثل ابو ديس وشعفاط وصور باهر.. الخ, وانما هدف هذا التحالف هو الانقضاض على »القدس الاردنية« التي كانت تمثل القدس الشرقية اثناء وحدة الضفتين, والتي تبلغ مساحتها 6.5 كم2 وذلك باستهدافها لمشاريع التهويد المكثفة.
مخططات حكومة نتنياهو, التي يكشف عنها ما يجري من عمليات اختراق استيطاني في حي الشيخ جراح وكرم المفتي وفندق شبرد وجبل الزيتون وداخل اسوار المدينة القديمة هو العمل بقوة على مختلف الجبهات من اجل تهويد المدينة (بموقعها الجغرافي التاريخي المعروف) وصولا الى تدمير الاقصى وقبة الصخرة تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.
هذا ما تنفذه حكومة نتنياهو بخطى متسارعة ومحمومة مستغلة انشغال العالم والعرب في المقدمة, بحركة الاتصالات السياسية ورحلات ميتشل المكوكية. فاذا كانت حكومة اولمرت السابقة قد بنت آلاف المنازل في المستوطنات تحت مظلة وهم الحركة لمؤتمر انابوليس, فان ما تسعى اليه حكومة نتنياهو الآن هو الحصول على قلب القدس, والقضاء على هويتها وبالتالي حسم الصراع في ساحة قرر العرب فيها بان لا حروب ولا مقاومة ولا مقاطعة مع اسرائيل!!.