«إضرب .. يا نَقَا عيني،،»

يُحكى ان رجلاً اراد شراء دابة من أجل حراثة أرضه.. فذهب الى سوق الحلال في البلدة المجاورة ، وجال فيه متفحصاً المخلوقاتً غير الناطقة من بغالْ وحمير وبقر لاختيار حيوانْ يفي بالغرض... وبعد استعراضْ مستفيض فكرّ في شراء ثورْ «ابرق» كان محشوراً وحده في زاوية ضيقة بالسوق لشراسته وسوء طبعه،، ولسوء تدبير الرجل وطالعه كان كلّما لفّ ودار في السوق يعود ادراجه ثانيةً الى الثور المذكور، فقد زها الحيوان في عينً الفلاحً الغشيم بحيث اختاره دون سائر الدّواب التي غصّ بها السوق،،
ولم يحفل بالنصائح العديدة من قبل المعارف ورواد السوق والتي نهته عن شراء ذلك الثور لانه مشاكس ومغرم بالرَفس.. ناهيك عن انه قليل الفعل.. كثير الاكل،، وكان جواب الرجل لناصحيه: ما عليكم ايها الاصدقاء.. فان زيادة العلف والعليقة والدلال ستجعل منه اليفاً.. لا بل اهدأ ثور في العالم،،
حاصله.. ركب الرجل رأسه.. واشترى الثّور بحُرّ ماله ، وساق تلك المصيبة المتنقلة الى الحقل،.. وفي صباح اليوم التالي احضر العليقة المملوءة بالعلف المنفوش ووضعها في عنق الثور.. ولم يبخل عليه بصنوف الدلال بدءا باللمس على رقبته وقرنيه .. ومرورا بمسح «ريالته» المنسابة كخيوط العنكبوت.. وبعد ان شبع الثور «وبرطع» هاج بشدة واخذ يرفس صاحبه بحافريه وينطحه بقرنيه حتى اضحى جثة هامدة غطّاها الدم وبقايا مخلفات الحيوان،، وما ان صحا قليلا وعادت لديه القدرة على النطق حتى اخذ يستجدي نجدة الجيران والذين هبّوا لمساعدته.. فوجدوه في اسوأ حالْ وهو يهلوس ، ويهذي قائلا: اضرب يا نقا عيني.. ارفس يا نقا عيني،،
استذكرت هذه القصة حين قرأت ما نشرته بعض الصحف والمدونات الالكترونية عن وقائع هجوم لفظيّ شنه الحاخام الصهيوني «عوفيديا يوسف» ضد الولايات المتحدة ورئيسها السيد باراك اوباما،، واستخدم خلال عدوانه اللفظي كافة المقذوفات الكلامية المقذعة والالفاظ البذيئة والعبارات النابية التي يغصّ بها قاموس الحاخام والتي يعفّ عن تردادها الذوق السليم،،
ولا بدّ من التنويه بأن هذه الشتائم وسيل الكلمات النابية وردت في سياق عظةْ ، او موعظة حَقَنَ الحاخام العنصري بها اتباعه من اليهود الشرقيين في احد ايام السبت الماضية،،
والحاخام يوسف هو بالمناسبة من مواليد العراق وجاء الى فلسطين غاصباً محتلا، وللأسف لم يتأثر بحضارة العراق وطيبة العراقيين ليثبت بفعلته هذه وما سبقها من مواعظ حاقدة مماثلة بان بيضة الافعى تفقّس بالضرورة افعى سامّة حتى لو تربت او وضعت في عُشّ «ام الصقور» ،، ففي مواعظ سابقة لم يقصر لسانه «الزَّفًرْ» نحو الفلسطينيين والعرب حين وصفهم بالافاعي والحشرات وطالب بطردهم من ارض آبائهم واجدادهم،،
والحقيقة التي لا تخطئ دلالتها العين والبصيرة هي ان مواعظ الحاخام عوفيديا وافكار وسياسات وممارسات نتنياهو وليبرمان وسائر عتاة اليمين الصهيوني ما هي الا نتاج ومفرزات النازية الجديدة بلبوسْ عنصري صهيوني ابتليت المنطقة العربية بعدوانه وشروره منذ نيف وستة عقود،، وما يزال العدوان والخطر ماثلين امام بصر الجميع،،
وعود الى موضوع الهجوم الشرس الذي شنه الحاخام المذكور على امريكا ورئيسها ، فانني بالمناسبة لست بصدد الدفاع عن الولايات المتحدة ، فهي قوة عظمى تستطيع الرد والدفاع عن نفسها .. ولو ان المرء يستطيع التكهن بماهية التعاطي حين يتعلق الامر باسرائيل ومتطرفيها .. فهو لا يتعدى الكلام المعسول حتى تهدأ تل ابيب واللوبي الصهيوني.. ومرورا بالجاهات التي تحمل العتبى حتى ترضى اسرائيل.. ومرورا ايضا بتزويدها بالمزيد من السلاح حتى تعتدل،، في تعاطيها مع السلام في المنطقة طبقا لنظرية سيىء السمعة والصيت الرئيس السابق جورج بوش الابن،، التي تقول «السلاح لاسرائيل من اجل السلام»،،
وفيما يتعلق بهجومه على الرئيس باراك اوباما فانني اكتفي بعبارة واحدة وهي ان الخلل يكمن في ميزان الحاخام العنصري وفي تفكيره وافعاله والفاظه.. وليس في الموزون وهو الرئيس اوباما الذي يحظى باحترام العالم وتقديره.
وفي الختام اقول: اما وقد ذاقت الولايات المتحدة الثمار المرّة من المواعظ الصهيونية ومخرجاتها الفعلية واللفظية المقيتة فان المرء يتساءل عن السر الكامن وراء الصمت الامريكي والسكوت الدولي ازاء النازية الجديدة التي ما تزال تعربد في المنطقة منذ نيف وستة عقود دون رادع،، ما سرُّ هذا الصمت تجاه عنصريين موعظتهم شتيمة؟،
ما سرُّ السكوت والإغضاء على محتل غاصب يذبح الحقّ والانسان والشجر في وضح النهار؟،
افلا يستدعي الامر ، والحالة هذه ، وقفة صارمة لوضع حد لعدوانية «فرانكشتاين» الصهيوني.. هذا الاخطبوط الذي زرعته دول الغرب في قلب فلسطين ، وتمددت اذرع عدوانه لتطال بلظى شرورها منطقتنا العربية وسلام العالم باسره.. افلا يستدعي الامر وقفة صادقة من قبل عالم الغرب «الديمقراطي» ولو من قبيل التكفير عن الذنب والخطيئة لوضع حد للعدوان الاسرائيلي الاستيطاني؟ افلا يستدعي العدل والحق والمنطق بان يقوم العالم بلجم النازية الجديدة التي اضحت تشكل خطرا داهما وشرا مستطيرا ليس على المنطقة فحسب بل على الحق والعدل والمعمورة باكملها،،
الا يستدعي ذلك وقفة حق في وجه الباطل الصهيوني.. ام ان عالم القرن الحادي والعشرين الذي يتغنى بحقوق الانسان صباح مساء يلوذ بالصمت عندما يتعلق الامر باسرائيل واذا قيضّ له النطق قال بكل اللغات المتداولة في الامم المتحدة: «اضرب.. يا نقا عيني»،، اضرب يا فرانكشتاين،، اضربي ايتها النازية الجديدة،،