ما قبل الخطاب والتصريحات الملكية

الخطاب الملكي من الوضوح والشفافية والدقة ما يجعله حديثا قادرا على الوصول إلى كافة شرائح المجتمع بكل مباشرة ويسر غير ملتبس بحيث يقف على كافة مفاصله ذاك المقيم في أقصى بوادينا وأريافنا ومخيماتنا وذاك المقيم في وسط العاصمة ومراكز دراساتها وجامعاتها وصالوناتها، فجلالة الملك عندما يوجه خطابا إلى شعبه فانه يتوجه إليهم بذات الدفء والصراحة والمفردات التي يلتقي عليها جميع الأردنيين.
الخطاب والتصريحات الملكية عندما تكون بمثل هذه الحالة التي يتوجه فيها جلالة الملك إلى أفراد شعبه لا تحتاج إلى إيضاح بقدر ما تحتاج للتعامل معها كمنهج أداء وعمل، وتحفيز على الارتقاء إلى مستوى المسؤولية.. وهنا أود أن أشير إلى مسؤولية الصحافة والإعلام التي ما انفك جلالة الملك بالإشارة إليها في مختلف المناسبات والأحداث تحفيزا وتوجيها وتأكيدا على محورية دورها الوطني عندما تكون قادرة على الإيفاء بمتطلبات هذا الدور باقتدار ومسؤولية.
أن ينبري الإعلاميون بالتأكيد لمضامين التصريحات الملكية التي وردت في خطاب جلالة الملك أمرا أساسيا ويشكل جزءا من دورهم لكن ما هو أساسي أيضا ذاك الدور المحوري والكبير الذي كان ينبغي القيام به وهو ما قبل التصريحات الملكية فالإعلاميون على اطلاع واسع بالقضايا التي تحيط بالوطن وتفاعلاته وبصورة الشائعات والأفكار المغرضة والتحليلات أحادية النظرة بل للأسف فان البعض كان جزءا من هذا التشويش والبعض لم يتصدى لهذه الشائعات وكأنه بانتظار تصريح للتأكيد على ما هو مؤكد وثابت وقلة تلك التي آثرت الموضوعية والتحلي بالمسؤولية الوطنية والمهنية دون تفريط أو تهويل.
جلالة الملك عندما يقول كل مؤسسات الدولة، الحكومة والأعيان والنواب والصحافة، أن يتحملوا مسؤولياتهم ويتصدوا لهذا المرض ولأصحاب الأجندات الخاصة والمشبوهة ، والتعامل بحزم مع المشككين الذين يريدون الإساءة للبلد. إنما يؤكد على الدور المسبق لهذه المؤسسات وفي مقدمتها الصحافة وهذا هو النهج والمسؤولية المطلوب من المؤسسات التحلي بها والقيام بمتطلباتها وفي مقدمتها الإعلام والصحافة فهم طلائع أفكار المجتمع وتوجهاته لذلك فان قيامهم بدور ايجابي تجاه كل ما أشار إليه جلالة الملك في تصريحاته قبل إطلاقها يوازي ويفوق دورهم ما بعدها ذاك أن الثوابت الأردنية واضحة وقاطعة وليست من النوع المتبدل. كما القلق تجاه المتغيرات والمستجدات السياسية في المنطقة حالة والذهاب بالتنظير نحو الكارثة والتعلق بالإشاعات حالة أخرى.
بالأمس انخرط البعض هنا أو هناك في تشتت وتشتيت غير مبررين فالبوصلة الأردنية واضحة الاتجاهات والمعالم وتحتاج فقط إلى أولئك المؤمنين بان الوطنية ممارسة لأقصى درجات المسؤولية أداء وفكرا وبعدا عن التشكيك والتهويل والتأزيم بدافع مغرض ومشبوه أو بسوء فهم وتحليل وادعاء لعبقرية في الاستشراف والاستنباط، وأقلام الأمس المرتعدة تأزيم وتقزيم لا ينبغي لها ان تغير اتجاه عقارب بوصلتها بين ليلة وضحاها إلا إذا كان هذا التغير حدا فاصل في الأسلوب المهني في التحليل والمشاركة في الرأي العام, فالإعلام والصحافة على وجه الخصوص طلائع أفكار المجتمع والدولة في آن وينبغي لها أن تكون عونا له لا عبئا عليه.
أسامة تليلان