حديث الى المواقع الالكترونية

تم نشره الثلاثاء 18 آب / أغسطس 2009 04:08 صباحاً
حديث الى المواقع الالكترونية
طاهر العدوان

أنضم الى كثير من الذين يُبدون اعتراضهم الشديد على ما يعتري أدب الحوار على المواقع الالكترونية من تجاذبات وردود من قراء مجهولين, او باسماء مستعارة, لا يقدّمون رأياً آخر ولكنهم يتبارون في كيل الاتهامات وضرب اسس المجتمع والدولة.

لكنني في الوقت نفسه سأكون من اشد المعترضين على اي حملة رسمية, بواجهة سياسية, او امنية او قانونية هدفها الغاء هذه المواقع او جرها الى مصيدة الرقابة, باسم المصالح الوطنية العليا, او تحت اية تسميات اخرى.

المطلوب تصحيح هذه الظاهرة وتخليصها مما يعتريها من ثغرات تؤلب عليها الحكومة والمجتمع. فاستخدام »الانترنت« بحرية للتعبير عن الرأي ممكن لأي انسان في دول العالم, وهو عندما يكون تعبيراً عن رأي (شخص) بعينه لا يكون عملاً صحافياً ولا اعلامياً, خاصة عندما يلجأ هذا الشخص الى اخفاء شخصيته, بينما في مهنة الصحافة تكون شجاعة الرأي في ان تفكر وتقول وتكتب تحت الشمس.

عندما يكون صاحب الموقع معروفاً للدولة والمجتمع, سواء كان صحافياً او ناشراً, ويتعامل معه القطاع العام والخاص بنشر الاعلانات المدفوعة, فان »الحرية« التي يمارسها موقعه الالكتروني تخرج عن كونها ممارسة حرية فردية. فاصحاب هذه المواقع هم مواطنون معروفون للدولة والناس. وبالتالي عليهم ان يكونوا تحت مظلة القانون, وفق المادة الدستورية (15) التي تقول »تكفل الدولة حرية الرأي ولكل اردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول او الكتابة او التصوير او سائر وسائل التعبير شرط ان لا يتجاوز حدود القانون«.

ومثلما نطالب الدولة (بكفالة) حرية التعبير لمواطنين يستخدمون الانترنت كمواقع اعلامية تخاطب المجتمع كله. فاننا نطالب اصحاب هذه المواقع عدم تجاوز حدود القانون, بعدم نشر كل ما هو قدح وذم للمواطن او المسؤول او ما يثير الفتنة بين المواطنين وهذا مطلب لا يتعارض مع حرية الرأي ولا هو تخفيض للسقوف.

ويقلقني هذا الالتباس المهني, الذي يريد البعض تكريسه, عند تعريف الصحافة والاعلام. حيث لم يعد هناك من يميز الصحافي عن قارىء يعلق في شأن عام باسم مستعار. التباس اخشى ان يُستغل بهجمة رسمية على الحرية الصحافية تقود الى تشريعات طالما نجح الصحافيون في ازالتها من الطريق بالعناد وتحمل الاحكام والسجون احياناً.

يعتقد البعض خطأ ان نشر هذه التعليقات يسمى (سقفا عالياً) او (حرية تعبير), فالشتائم والنقد الجارح ليسا من الصحافة في شيء ولا تساوي خبراً او تعليقاً ينشر في الصحف من قِبَل صحافي او كاتب, يوجه فيه نقداً او يكشف خطأ او تقصيراً او فساداً. لأن الصحافي او الكاتب يضع اسمه على الخبر والتعليق متحملاً مسؤوليات قانونية الى جانب رئيس التحرير تجاه ما ينشر والذين يدفعون ثمن ممارستهم للحرية الصحافية كثيرون.

اتمنى على اصحاب المواقع الالكترونية ان يلتزموا بالمهنية, فهم ليسوا (هواة انترنت) انما جزء من الساحة الاعلامية, وهذا انجاز يسجل لهم. واتمنى ان يرفعوا من سوية التعليقات بنشرها تحت اعلى سقف اذا كانت تحمل فكراً او رأياً آخر مهما بلغ من تطرف, لكن ايضاً بحدود القانون. وانا من المؤمنين بان حرية الاعلام والصحافة في الاردن لا تزال على اول الطريق, وان دورها كبير في حاضر ومستقبل البلاد, ما دام الاصلاح السياسي يتقهقر وتغييب التعددية السياسية في البرلمان والحكومة اصبح سياسة رسمية.

دعونا جميعاً, على الساحة الاعلامية والصحافية, نتضافر ونعمل بجدية من اجل حقنا في امرين: (1) الحصول على ما يلزم من معلومات من الدولة حول شؤوننا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. الخ. (2) حريتنا في تداول هذه المعلومات واشراك اوسع قطاع من الناس في معرفتها والجدل حولها. وهذا ما يسمى ب¯ (السقف العالي).

واخيراً لا سند للاعلام غير الدستور والقانون, ومن المهنية ان يعرف الصحافي كيف يرفع السقوف حتى اقصى نقطة يسمح بها الدستور والقانون, لأن المهنية تبقى القوة الحقيقية للاعلام وهي ضمانة استمراره وتزايد دوره واتساع رقعة الثقة به بين الناس.0




مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات