الحل السلمي بين الامكانية والاشكالية

بينما تتحدث الاوساط الامريكية وحتى الاسرائيلية عن قرب التوصل لاتفاق وسطي يتم بموجبه تجميد مؤقت لبناء الاستيطان وتهيئة المناخات السياسية للعودة الجانب الفلسطيني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات على قواعد تحفظ تنفيذ مشتملات خارطة الطريق التي اشترطت الاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان والذي ينتظر تحديد الموقف الواضح حياله رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو خلال لقائه مبعوث الرئيس الامريكي جورج ميشيل في لندن، تقوم العصابات الصهيونية بتصرفات عنصرية متخبطه لاتنسجم والمناخات السياسية السائدة فتارة تجنح هذه العصابات المتطرفة لاقتحام المسجد الاقصى في شهر رمضان بغية تأجيج الموقف الشعبي وتأزيم العملية السلمية وتارة اخرى تقوم جهات صهيونية منظمة ومدعومة ببرنامج التمدد الطبيعي للمستوطنات الذي يحميه شمعون بيرس بالعمل على مصادرة الاراضي وانشاء مستعمرات جديدة في الضفة الغربية وفي قلب المدينة المقدسة شرق القدس حيث الحي العربي هناك،حيث قامت جمعية العاد اليمينية المتطرفة بتقديم المشروع الاستيطاني الجديد للجنة المحلية لبلدية القدس لاقامة مستوطنة جديدة تحت مسمى معاليه دافيد في راس العامود تتضمن اقامة حوالي مائة وحدة سكنية جديدة ليرتبط هذا الحي عند تشييده بحي يهودي آخر موجود يسمى معاليه زيتين ليصبح الحيان بعد ربطهما يشكلان المستوطنة اليهودية الاكبر في شرق القدس.
وعلى الرغم من تنامي الحالة الاستفزازية التي تقودها الحركات الاصولية الاسرائلية ومشاريع الاستيطان العنصري الا ان المؤشرات السياسية تشير الى حالة تقدم سياسي على صعيد وقف الاستيطان ومدى التزام الحكومة الاسرائيلية باشتراطات خارطة الطريق التي ما زالت الادارة الامريكية تحرص على تنفيذ مشتملاتها لإطلاق العملية التفاوضية من جديد من خلال مسار محدد في ضوابطه ومعلومة نتائجه ضمن اطار اقليمي يقوم على ارضية المبادرة العربية التاريخية للسلام التي تؤكد على الحقوق العربية المشروعة كما تؤكد على اهميته التعايش السلمي والاحترام الحضاري والديني بين مجتمعات المنطقة وبلدانها.
لقد حرص جلالة الملك عبدالله الثاني في مباحثاته مع نتنياهو على تحديد مفاهيم الضوابط لرؤية السلام العادل وثوابته ،القائمة على ضرورة وقف الاستيطان وتهيئة المناخ السياسي السلمي الذي يضمن عودة المفاوضات الى المسار الذي تلبي فيه تطلعات العالم وشعوب المنطقة في بناء سلام تحفظه الاجيال القادمة وتصونه ،واستثمار المبادرة العربية للسلام بما يسمح بتكون حالة جادة لأطلاق مفاوضات فاعلة لحل الصراع وتحقيق السلام باسرع وقت ممكن، وفي ذات السياق تأتي زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني لمدينة جدة للقاء خادم الحرمين الشريفين لتعزيز حالة الامن والاستقرار في المنطقة ودعم جهود تحقيق السلام على قواعد تهيئ ميلاد افق سياسي جديد للمنطقة وشعوبها وتضمن عودة الحقوق العربية المشروعة وتقود لرفع الظلم والمعاناه عن الانسان الفلسطيني جراء تكبده ويلات الاحتلال وجور الحصار وحالة الانقسام التي تضعف مقدرته وقدرته على الحفاظ على اطاره الجامع موحدا قادرا على استثمار المناخات الدولية الجديدة بتداعياتها والتي ينتظر بلورة اطارها وبرنامجها في القريب.
ان وجود ود حل سلمي يضمن اقامة دولة فلسطينية ضمن اطار اقليمي ويعيد ترتيب الاوضاع الجيوسياسية للمنطقة ويرسخ مفاهيم التعاون المشترك القائم على احترام التعدد والتنوع الديني والحضاري هي العوامل التي تضمن ايجاد مسارات تنموية تعزز فرص السلام والاستقرار للمنطقة وشعوبها على قواعد تحفظ وتصون حالة المنعة والتقدم للمجتمعات كما تسعى للارتقاء بالديمقراطية والحرية، وهو النموذج الذي يمكن ان يظهر مكانة ارض الحضارات والديانات الثلاثة واهميته وقيمة انسانها ومحتواه الثقافي، فان التصرفات الاحادية واستخدام اساليب الوصاية ومناهج الاملاء لن تثمر او تزهر سلاما وتقود الحالة الامن المستهدفة، وان طريق الحوار الموضوعي والاعتراف بالحق المشروع للشعوب في تقرير المصير هي العوامل القادرة على ترسيخ القواعد الحداثية التي اجمع عليها العالم لحل مشاكله كونها سمات المرحلة الجديدة بكل عناوينها ومضامينها والتي تحوى قواعد وادبيات التعامل السياسي الحديث الذي يحمل الطابع الانساني بكافة حقوقه ومنطلقاته، الامر الذي يشير لمتغير عالمي جديد قادر بارادته ومنظومه على حل عقدة النزاع بالمنطقة وفرض ايقاع الحالة الجديدة بكل ما فيها من التزامات ومفاهيم.
الامين العام لحزب الرسالة
د. حازم قشوع