حين يكتب عبدالله المؤسس!

تكرم صديق فبعث الي بمقال كتبه الملك المؤسس عبدالله بن الحسين في المجلة الاميركية عدد كانون الاول ر1947. فترجم عن العربية، يطرح فيه للرأي العام الاميركي - الذي يعرف الملك الكاتب - أنه يتعاطف مع اليهود.. لأن العرب اقلية لا تأثير لصوتها. وهو يعتقد نتيجة للاسامية التي عامل بها الاوروبيون يهودهم، أن اميركا رغم انحيازها، ستكون مدعوة الى المساعدة في حل للقضية الفلسطينية.

يبدأ جلالته بعد المقدمة بالعودة الى التاريخ والحاضر معا، فيقول ان اليهود كانوا في دمشق وبغداد وبيروت وبقية العالم العربي يعيشون بسلام واطمئنان، وكانوا اصحاب ثروة قبل أن تصلهم الصهيونية.. وبالمقابل فإن اليهود في فلسطين كانوا اقلية فقيرة تصلها معونات يهود العالم. والغريب كما يقول جلالته ان الصهاينة يتحدثون عن حقوقهم التاريخية في فلسطين رغم أنهم ازيلوا منها منذ عام 36 قبل الميلاد، وحين جاء هيدريان الامبراطور الروماني عام 135 ازالهم كليا!! وهذا الحق اليهودي كان غائبا 1815 عاما عن ارض فلسطين!!.

والمقال طويل ونتمنى على الرأي ان تترجمه وتنشره، فمؤسس الدولة الاردنية لم يكن صاحب فكر ورجل دولة.. وانما كان مثقفا كبيرا. ففي حين كان البعض يخطئون في اللهجة، انفرد رحمه الله بكتابة مذكراته، وكتابة مقالات في الصحف ورسائل للسياسيين والمفكرين العرب. وهو رئيس الدولة العربية الوحيد الذي كتب مذكراته وأودعها افكاره، وسياساته، واتصالاته بزعماء وساسة العالم.

ومثل هذا الزعيم الخطير والقائد الفذ وضع اساس النهج الاردني، وقاعدة العمل الوطني والقومي. فالملك عبدالله كان يقود افقر بلد عربي واستطاع بعقله وخلقه ان يحافظ على اكبر بقعة محررة من فلسطين، واستطاع ان يقيم اول وأهم وحدة في العالم العربي.

والملك عبدالله، أقام منذ عام 1928 اول برلمان عربي منتخب. وأول حكومة تمثل امام البرلمان.

والملك دخل بلدا لم يكن دولة في أي وقت منذ الفتح الاسلامي، وأقام كيانا حديثا، استجاب له الاردنيون بصورة منقطعة النظير. فقد ادركوا منذ البداية أن تخليصهم من وعد بلفور كان البداية الحقيقية للدولة الاردنية. وأن مد نضالهم القومي ليشمل سوريا الكبرى، والتوحد مع فلسطين كانا الخطوة الاستباقية لاحتواء الخطر الصهيوني.

ندعو الى نشر مقال شهيدنا العظيم في المجلة الاميركية عام 1947، فإن أي مفكر في حجم هشام الشرابي لن يكتب اثمن وأعمق منه!!.